الملف الصحفي


جريدة الجريدة - الثلاثاء 14 أبريل 2015

الحويلة: قرارات سحب الجنسية وإسقاطها تخضع لرقابة القضاء ولا تعد من أعمال السيادة
• «المشرع اكتفى بتقرير وجود أعمال السيادة وترك مسألة تحديدها للقضاء»
• «سحب الجنسية أو إسقاطها لا يرتقي إلى أن يكون عملاً سيادياً... فهو قرار إداري»

أكد أستاذ القانون الدستوري في كلية القانون الكويتية العالمية د. خالد الفايز الحويلة أن قرارات سحب الجنسية أو إسقاطها تخضع لرقابة القضاء الإداري ولا تعد من أعمال السيادة لأنها قرارات إدارية. وأضاف في دراسة له بعنوان «مسائل الجنسية» ما بين نظرية أعمال السيادة وفكرة التحصين أن قرارات سحب الجنسية تشكل مساسا بالحقوق المكتسبة للأشخاص الذين شملهم قرار سحب الجنسية أو إسقاطها.
وفيما يلي نص الدراسة:
جاء المرسوم بالقانون رقم 23/ 1990 بشأن تنظيم القضاء على نص يمتنع بموجبه على القضاء أن ينظر في أعمال السيادة، وذلك وفقا للمادة الثانية منه (ليس للمحاكم أن تنظر في أعمال السيادة)، وذلك تحقيقا للاعتبارات التي تقتضي بالنظر لطبيعة تلك الأعمال النأي بها عن الرقابة القضائية، ويلاحظ أن المرسوم بالقانون المشار إليه لم يحدد ما المقصود بتلك الأعمال، ولم يحصرها في أعمال معيّنة، وإنما ترك تلك المهمة بشأن ما يعد عملا سياديا، وبالتالي يخرج من اختصاص المحاكم إلى القضاء ليقرر ذلك.
ويتضح من ذلك أن المشرع العادي اكتفى بتقرير وجود أعمال السيادة وترك مسألة تحديدها، أي ما يعد عملا سياديا من عدمه، إلى القضاء، ويقصد بأعمال السيادة الأعمال التي تصدر من السلطة التنفيذية، باعتبارها سلطة حكم فتباشرها بمقتضى هذه السلطة العليا لتنظيم علاقتها بالسلطات العامة الأخرى داخلية كانت أو خارجية، إذ تتخذها اضطرارا للمحافظة على كيان الدولة في الداخل، وللذود عن سيادتها في الخارج.
وفي ما يتعلق بمسائل الجنسية، استقرت أحكام محكمة التمييز على أنها تعد عملا سياديا في كثير من أحكامها، إلا أننا نرى أنه في ما يتعلق بمسائل الجنسية لا تخضع كلها لنظرية أعمال السيادة، وإنما نفرق هنا بين أمرين؛ الأول في ما يتعلق بمنح أو منع الجنسية الكويتية بداية، وهو من وجهة نظرنا يعد عملا سياديا، حيث يخضع لاعتبارات خاصة تتسم بالطابع السياسي وتتعلق بكيان الدولة ذاته لتحديد شعب الكويت، ومن يجوز له حمل الجنسية الكويتية.
ليس عملاً سيادياً
أما في ما يتعلق بسحب الجنسية أو إسقاطها، فإنه لا يرتقي أن يكون عملا سياديا، وبالتالي يمتنع على القضاء النظر والفصل فيه، وإنما يعد قرارا إداريا يخضع لمبدأ المشروعية ولرقابة القضاء من حيث مدى صحة توافر أركانه وقيامها على سند صحيح من القانون، وبما أن قرار سحب الجنسية أو إسقاطها يشكل مساسا بالحقوق المكتسبة للأشخاص الذين طالهم قرار سحب الجنسية أو إسقاطها، فإن مثل ذلك القرار يجب أن يقوم على سبب صحيح يبرره ويقره القانون، ونعني بالسبب الحالة الواقعية أو القانونية المشروعة التي تجعل الإدارة تتدخل وتصدر القرار الإداري، وفي جميع الأحوال إن قرارات سحب الجنسية أو إسقاطها تعد قرارات إدارية تخضع لمبدأ المشروعية، ولا بد من أن تستند على سبب يبررها من الناحية الواقعية والقانونية، باعتبار أن السبب ركن من أركان القرار الإداري، فإذا ما صدر القرار على غير سبب يبرره يكون القرار فقد أحد أركانه الجوهرية، الأمر الذي يوصم ذلك القرار بعدم المشروعية.
وهذه التفرقة التي نقول بها بشأن مسائل الجنسية أخذت بها محكمة التمييز في حكم لها صادر بتاريخ 16/ 3/ 2010م حيث جاء فيه:
«وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد. ذلك أن النص في المادة 2 من المرسوم رقم 15 لسنة 1959 بشأن قانون الجنسية الكويتية على أن «يكون كويتيا كل من ولد في الكويت أو في الخارج لأب كويتي»، يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المشرع أرسى قاعدة عامة مؤداها أن كل من ولد في الكويت أو في الخارج لأب كويتي يكون كويتيا، وكشف المشرع بذلك عن مراده في استحقاق الجنسية الكويتية الأصلية لكل من ولد لأب كويتي لتصبح الجنسية بقوة القانون لصيقة بواقعة الميلاد، من دون حاجة إلى صدور قرار بذلك من الجهة الإدارية أو أي إجراء آخر، متى ثبت على وجه قاطع دون منازعة تسلسل المولود عن أب كويتي وثبوت نسبه منه، وقرارات الجهة الإدارية في هذا الشأن تخضع لرقابة القضاء الإداري، ولا يعد ذلك فصلا في مسألة من مسائل الجنسية التي استبعدها المشرع في البند خامسا من المادة الأولى من القانون رقم 2 لسنة 1981 المعدل بإنشاء دائرة المحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية من ولاية القضاء، وإنما هو إعمال صريح لحكم القانون بشأن حق مستمد منه مباشرة، وهو ما يختلف عن الأحوال الأخرى لاكتساب الجنسية التي لا تتم إلا بطريق المنح بقرار من الجهة الإدارية المختصة، وفقا للضوابط والإجراءات المبينة في قانون الجنسية، وهو ما يتسم بطابع سياسي يرتبط بكيان الدولة وضعها في اختيار من ينضم إلى جنسيتها في ضوء ما تراه وتقدره، وهذه الحالة الأخيرة هي التي تعد صورة من صور أعمال السيادة، لصدورها من الحكومة بوصفها سلطة حكم لا سلطة إدارة، ومن أجل ذلك أخرجها المشرع من ولاية القضاء.
شروط النص القانوني
ولما كان ذلك وكانت المنازعة في الدعوى - محل الطاعن الماثل - تدور حول ادعاء الطاعن استحقاق الجنسية الكويتية، وتستند في ذلك إلى حكم باتّ صادر من محكمة التمييز في الطعنين 2003/129،119 أحوال شخصية بثبوت نسبه لوالده الكويتي الجنسية والمطعون ضده الأول طرفا في ذلك الحكم، فإن الدعوى بهذا الوصف تتعلق ببحث مدى توافر شروط النص القانوني سالف الذكر، ومدى الأحقية في الجنسية الكويتية لمن يكتسبها بقوة القانون من يولد لأب كويتي تبعا لذلك الحكم، ولا يعد ذلك تدخلا في مسألة من مسائل اكتساب الجنسية، أو عملا من أعمال السيادة التي تخرج عن ولاية المحاكم، الأمر الذي تنبسط معه رقابة القضاء الإداري لبحث مدى مشروعية القرار المطعون فيه.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم المستأنف الصادر بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى فيه يكون معيبا بما يوجب تمييزه من دون حاجة لبحث بقية أسباب الطعن».
ونلاحظ هنا أن المحكمة ميزت بين مسألة منح الجنسية التي تعد عملا سياديا وبين مسألة بحث مدى توافر شروط النص القانوني في مدى أحقية الشخص في الحصول على الجنسية الكويتية، وفقا لمن يكتسبها بقوة القانون ومن يولد لأب كويتي تبعا لذلك الحكم، وهو الأمر ذاته الذي نرى أنه ينطبق أيضا على قرارات سحب الجنسية أو إسقاطها من حيث مدى توافر وتحقق الأسباب التي اشترطها المشرع، لكي يحق للجهة الإدارية سحب الجنسية أو إسقاطها وما إذا كانت هذه الأسباب صحيحة وتتفق مع صحيح القانون من عدمه، وخصوصا أن قرارات سحب الجنسية أو إسقاطها فيها مساس بحقوق مكتسبة وأي حقوق حق الجنسية الذي يتفرع عنه أيضا كثير من الحقوق المكتسبة الأخرى.
تحصين القرارات الإدارية
أما في ما يتعلق بمسألة تحصين بعض القرارات الإدارية ومنها القرارات المتعلقة بمسائل الجنسية وفقا للقانون رقم 20 لسنة 1981، حيث تنص الفقرة الخامسة من المادة الأولى على أنه:
«الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية عدا القرارات الصادرة في شأن مسائل الجنسية وإقامة وإبعاد غير الكويتيين وتراخيص إصدار الصحف والمجلات ودور العبادة».
ويتضح من خلال تلك الفقرة عدم جواز نظر القضاء لتلك القرارات، حيث تخرج عن اختصاص المحكمة ولائيا، وهو عمل يتنافى مع مبدأ المشروعية وسيادة القانون، حيث إن الأصل العام هو خضوع كل قرار إداري نهائي يصدر عن السلطة التنفيذية لرقابة القضاء، ولا يستثنى من هذا الأصل إلا أعمال السيادة، ولقد بيّنا أن قرارات سحب الجنسية أو إسقاطها لا تعد من أعمال السيادة، وإنما أعمال السيادة تقتصر على مسألة منح أو منع الجنسية بداية، كما أن فكرة التحصين تتعارض مع مبدأ حق التقاضي الذي كفله الدستور الكويتي في المادة 166، حيث تنص على:
«حق التقاضي مكفول للناس، ويبين القانون الإجراءات والأوضاع اللازمة لممارسة هذا الحق».
وإذا كان الدستور عهد للمشرع العادي أمر تنظيم ممارسة الحقوق، ومنها حق التقاضي، فإن ذلك لا يعني إعطاءه الحق في مصادرة ذلك الحق أو الانتقاص منه، وفكرة التحصين تشكل مصادره لحق التقاضي، إضافة إلى أن حق الأفراد في اللجوء إلى القضاء حق أصيل تكفله كل الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان، ومن دون ذلك الحق يصبح من المستحيل أن يؤمن الأفراد على حقوقهم أو يردوا الاعتداء عليها، كما أن فكرة التحصين تتنافى مع مبدأ العدالة والذي تبناه المشرع الدستوري في المادة 7، حيث تنص على:
«العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين».
عدم دستورية التحصين
وبما أن المشرع الدستوري خص السلطة القضائية بسلطة الفصل في المنازعات القضائية لتحقيق العدالة، فإن تحصين بعض القرارات وإخراجها من رقابة القضاء يؤدي إلى إنكار العدالة وعدم تحقيقها، الأمر الذي يتعارض مع نصوص الدستور الكويتي، ولا أدل على صحة رأينا إلى عدم دستورية النص في التشريعات على تحصين بعض القرارات الإدارية هو ما ذهبت إليه المحكمة الدستورية صراحة بعدم دستورية فكرة التحصين في حكم حديث لها صدر بتاريخ 22/ 6 /2014، حيث جاء فيه:
«وحيث إنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن حق التقاضي للناس كافة مبدأ دستوري أصيل، باعتباره الوسيلة التي تكفل للأفراد حماية حقوقهم والتمتع بها والذود عنها وردّ الاعتداء عليها، كما أنه يدخل في عموم هذا المبدأ حظر النص في التشريعات على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء».
ونلاحظ هنا أن المحكمة الدستورية ذهبت إلى عدم جواز تحصين أي عمل أو قرار من رقابة القضاء، بحيث لم تستثن أي قرار من ذلك.
لذلك تعتقد أنه يحق لكل متضرر من القرارات الإدارية المحصنة بناء على القانون رقم 21 لسنة 1981 أن يطعن على ذلك القانون بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية بدعوى أصلية مستقلة عن أي نزاع موضوعي آخر أمام المحاكم العادية وفقا للقانون رقم 109 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية.
وأخيرا بناء على كل ما سبق، نعتقد أن قرارات سحب الجنسية أو إسقاطها تخضع لرقابة القضاء الإداري، حيث إنها لا تعد أعمالا سيادية، وإنما قرارات إدارية شأنها في ذلك شأن القرارات الإدارية الأخرى التي تخضع لرقابة القضاء من حيث مشروعيتها، إضافة إلى عدم دستورية النص في

دستور دولة الكويت الصادر في 11 / 11 /1962
قانون رقم 109 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (14) لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية
المرسوم بقانون وفقاً لآخر تعديل - مرسوم بالقانون رقم (20) لسنة 1981 بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية
المرسوم وفقًا لأخر تعديل مرسوم رقم (397) لسنة 2007 بشأن منح الجنسية الكويتية
المرسوم بقانون وفقاً لآخر تعديل - مرسوم بالقانون رقم 23 لسنة 1990 بشأن قانون تنظيم القضاء
المرسوم الأميرى وفقاً لآخر تعديل - مرسوم أميري رقم (15) لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية 
مرسوم بقانون رقم 34 لسنة 1990 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 9 لسنة 1971 بشأن عدم إثبات السابقة الجزائية الأولى
قرار اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية رقم (31/8-2) لسنة 2013م بشأن فقد الجنسية الكويتية 

 

 

الصفحة (1) من اجمالى(1)

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور