القبس - الثلاثاء 6 محرم 1426 هـ ـ 15 فبراير 2005 ـ السنة 33 ـ العدد 11381

أولاها بدأت في الكويت عام 1940
الـحسينيات النسائية تحول المرأة إلى واقع حركي فاعل في المـجتمع

كتب جاسم عباس:
الحسينيات النسائية ليست بدعة، بل هي موجودة على مر التاريخ الاسلامي منذ ايام فاطمة الزهراء وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم. هذا ما اكدته الملاية ميمونة احمد محمد (ام حنان) لـ«القبس»، وهي القيِّمة على الحسينية النسائية في الكويت منذ الاربعينات من القرن الماضي عندما تأسست على يديها اول تلك الحسينيات في شرق، بعد ان انتدبت من النجف الاشرف من قبل الشهيدة بنت الهدى اخت الشهيد محمد باقر الصدر.
وقد تحدثت ام حنان عن جهود الحسينية في معالجة قضايا المرأة عبر كل تلك السنوات الطويلة، حيث تطورت من مكان لتجمع النساء الى مجلس تربية حولت معه المرأة الى واقع حركي فاعل في المجتمع.
ولذلك تقول الملاية ام حنان من الظلم ان نقول ان الحسينية النسائية اقيمت من اجل التثقيف وليس البكاء واللطم والتطبير.
واكدت ضرورة ان تكون المعلمة الحسينية ملمة بالمجتمع وحاجاته.
في مستهل لقائنا مع العلوية الملاية ميمونة احمد محمد «ام حنان» قالت: انا ابنة العالم السيد احمد محمد من علماء العراق، جئت الى الكويت بطلب من اهلها، بتزكية من الشهيد المرجع آية الله السيد محمد باقر الصدر ومن أخته ايضا التي طلبت مني ان اذهب الى الكويت رحمة الله تعالى عليها الشهيدة المظلومة بنت الهدى.
وتضيف: منذ عام 1979 قرأت في عدة اماكن. وألقيت محاضرات في حسينيات عديدة، وهذا شرف لي ان اخدم الحسينيات في الكويت العزيزة، والله يديم عليها الخير والامن والاستقرار.
تاريخ الحسينية النسائية
وقالت ام حنان: المجالس النسائية كانت موجودة على مر التاريخ الاسلامي فالسيدة فاطمة الزهراء كانت تجمع النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وتدرس وتفسر القرآن وتعلمهن امور الدين، وكذلك نساء النبي (ص)، يدرسن ويرشدن المسلمات في صدر الاسلام، وهذه المجالس ليست جديدة ولا غريبة على المجتمع الاسلامي.
وبعد حادثة الطف (كربلاء) تطورت هذه الجلسات أما تاريخ حسينية الزهرة النسائية في الكويت فكانت في منطقة الشرق في فريج الميدان، بدأتها المرحومة العلوية «زهرة» في عام 1940م، وبعد التنظيم الذي طرأ على العاصمة وتطور المناطق وهدم القديمة منها، انتقلت الحسينية بعد ان استملكتها الحكومة الى منطقة المنصورية في عام 1965، وفي عام 1982 طرأت تغييرات على بعض مجالس العزاء، بعد ان كانت تقليدية للعزاء فقط وفي ايام محرم وصفر القراءات كانت للبكاء على الحسين، مشيرة الى وجود حسينيات قديما في العراق لكنها في الدواوين وفي البيوت، كما اقيمت في بعض الدول العربية.
قضايا المرأة
وقالت الملاية «أم حنان»: جئت انا وطورت الحسينية النسائىة (حسينية الزهرة) الى مجلس تربية وفهم الاسلام وارتباطها بالمجتمع، وهدفي كان تواجد النساء في مكان واحد لحل كثير من المشاكل المتعلقة بالمرأة نفسها وقديما كانت محرجة لأن القارئ في الحسينية رجل، ورحمها الله الملاية «زهرة» وضعت اساسا للحسينية النسائىة، ووضعت برنامجا لخدمة الاسلام والمسلمين وتعظيم شعائر الحسين.
وقالت ام حنان: قديما الملاية لم يكن لديها دور في السياسة كما لم تكن متفقهة في الدين، انما كانت صاحبة الصوت الحزين تنعى وتشعر وتبكي على الحسين، ومجرد سند تاريخي لواقعة الكربلاء الحزينة، وتقام الى 13 من شهر محرم.
تطور
ولكن في عام 1982 تحول المجلس النسائي في حسينية «الزهرة» الى محاضرات ونددوات، وفهم الاسلام، ونبذ الخلافات والعادات الدخيلة التي دخلت الاسلام لظروف مضت وانتهت.
دور النسائية
وقالت العلوية ام حنان: الحسينية النسائية هي مقر لفهم المرأة وتثقيفها وتصحيح مسارها وعاداتها التي اكتسبت من خارج الاسلام، ودورها ايضا تفقيهها، وكانت المرأة تذهب للبكاء، وللأسف لا تعرف امور دينها ولا تعرف الحلال من الحرام، وهذا عيب وحتى الوضوء والغسل خطأ في خطأ، وحتى ارتداء الحجاب كان لأن القديم يحثنا على الارتداء، والآن ومع تطور الحسينية عرفت البنت والمرأة ان الله امرنا بهذا.
القدوة الصالحة
وقالت ان الحسينية تربية بالقدوة الصالحة، تحول المرأة الى واقع حركي فاعل في دنيا الإنسان، فالحسينية النسائىة تعرفنا من هو القائد والقدوة وماذا فعل؟ وماذا نأخذ منه؟ ومن هذا نعرف فكر الاسلام وسلوكه وعواطفه، من هنا تمارس المرأة الحياة فردا واما للأسرة، فالقدوة الحسنة تعطي السيرة العطرة ومجالا خصبا للتربية في المجتمع.
واضافت ان المنبر الحسيني النسائي قدوة صالحة يحاسب وليس بدعة، يعرفنا كل ما تتعرض له النفس البشرية من هبوط ونكسات نتيجة الضعف المركوز في كيانها.
اللطم والتطبير
وقالت العلوية «ام هنان»: الحسينية من أجل التثقيف لا من أجل البكاء واللطم والتطبير والسلاسل، وليعلم الجميع ان ثورة الحسين عليه السلام ليست لهذه العادات الدخيلة، إنما لتثبيت المبادئ السامية، فالحسين امتداد للرسالة المحمدية العظيمة.
المجالس مدارس
أم هنان الملاية على منبر الحسينية النسائية، دورها دور المدرسة، تعلم وتربي وتثبت الشعائر وتبث شعاعها الى المجتمع والأمة كلها.
وأكدت: ان على المتولية على الحسينية ان تكون ملمة بالمجتمع وحاجاته، وتعرف ما يدور في العالم من اخطار لضرب الدين، والحسينية مدرسة تديرها متولية يجب ان تكون مربية ومعلمة وعارفة وتبين للمجتمع ان وجود المرأة ضروري.
وقالت: نعم انها مدرسة وضعت قواعد قوية أصيلة، مدرسة تعلم وتبني العلاقات التشريعية والقوية بين الرجل والمرأة، وتحدد مسؤولياتهما وحقوقهما، وتوزع المهام بينهما. فالحسينية النسائية مدرسة تبعد القلق والاضطراب النفسي الاجتماعي من تلك الحصيلة المرة نتيجة لمجمل الأخطاء التي وقعت في السنوات السابقة التي مرت على عالمنا الاسلامي، فالمجالس مدارس تقدم النماذج الحية لرعاية الاسلام للعنصر النسائي، نريد من الحسينيات ان تكون واعية وعطاؤها لا مثيل له للأمة والكويت.
أنشطة الحسينية
وأخيراً قالت: الحسينية النسائية الكويتية جمعت كل فئات المجتمع ولا نفرق بين مذهب وآخر، ها هنا اخواتنا نلتقي معهن، ونتبادل الاحاديث، وتطرح الاسئلة الفقهية والاجتماعية، لقد خلقت الحسينية الكويتية جواً من التفاهم بين الاخوات، دون الالتفات للطائفية.
كيان للرجل ومكان للمرأة
بما ان للرجل كيانا ومكانا يجب ان يكون للمرأة هذا الكيان، هذا ما تقوله ام حنان، وتتساءل: لماذا هذه المكابرة والاستعلاء والامتهان لجنس المرأة؟ لماذا هذا التمييز بين الرجل والمرأة؟ فالمدرسة النسائية تقوم الان بالدور الشرعي الواعي الذي رسمه لنا الاسلام من خلال الكتاب العزيز والسنة الشريفة ودروس الائمة عليهم السلام، المدرسة الحسينية النسائية وضعت المرأة في المسار السليم للكائن الانساني، وهذا من شأنه وضع وتوفير ارقى مظاهر التلاحم والرقي المصيري بين الرجل والمرأة.
صياغة الذهن والتغلغل في النفوس
عن اسلوب عمل الحسينية تقول ام حنان انه يقام كل اسبوع درسان في الفقه والتربية والاخلاق ودرس في التفسير وآخر في الحفظ.
وتضيف: ابواب الحسينية النسائية مفتوحة لخدمة المرأة في هذا المجتمع الطيب لا نفرق بين احد، هدفنا صياغة الذهن، والتغلغل في اغوار النفس، وبلورة المشاعر، وتوجيه السلوكيات وحفظ القرآن، وتفسيره، وكذلك للحسينية سوق خيري لخدمة الفقراء والمحتاجين والايتام، ولا يقتصر المجلس على النساء فقط، وهناك مجلس للرجال ليلة العاشر من المحرم، و13 ليلة في شهر صفر.