جريدة القبس - الثلاثاء, 9 يناير, 2007 - 20 ذوالحجة 1427- رقم العدد: 12070

قضية للمناقشة
دور الرعاية الاجتماعية.. بحاجة لمن يرعاها

كتب مبارك العبدالهادي:
سياسة الفوضى التي يعاني منها مجمع دور الرعاية الاجتماعية 'المنسي' اصبحت واقعا ملموسا لدى العاملين هناك، بل ان الامر اصبح لديهم يسير وفق سياسة 'خلي الامور ماشية من اسوأ الى اسوأ'.
وانعكست هذه الحال على سلوكيات النزلاء وأدى عدم اختيار اصحاب التخصصات المناسبة من المديرين الى 'انفلات' الامور لدى النزلاء انفسهم ليضربوا بالقوانين عرض الحائط بدلا من ان يجدوا التربية المناسبة لتعديل سلوكهم، كما هو مفترض ان يعمل به في مؤسسة مثل مجمع دور الرعاية الاجتماعية الذي ما يكون دائما ضحاياه من الموظفين الابرياء الذين يسعون جاهدين الى مصلحة العمل وترتيب اوضاع دور الرعاية الاجتماعية المتدهورة التي يدار العمل بها بلا قيادة، كما هي عادتها منذ سنوات.
مجمع دور الرعاية الاجتماعية الذي يضم عددا كبيرا من النزلاء، سواء من المسنين أو المعاقين أو الاحداث أو مجهولي الوالدين اصبح مشلولا ويعاني الاهمال الكبير، خاصة في ظل عدم اللامبالاة من القياديين تجاه هذا المجمع الذي بدا واضحا انه يلفظ انفاسه الاخيرة امام تراكمات السنوات الطويلة من الاستهتار والرعونة في المسؤوليات الملقاة على عاتق من يدير العمل به، ومع الاسف الشديد ان الضحايا دائما هم الموظفون الشرفاء الذين عينهم على مصلحة المجمع، فضلا عن بعض المديرين الذين راحوا ضحية سياسة التدوير الخاطئة لينتقلوا الى ادارات لا تتناسب مع تخصصاتهم ويحل مكانهم مديرون غير مؤهلين.
من المسؤول امام ما يحدث في المجمع الذي يفترض ان يكون من ارقى المجمعات في الشرق الاوسط في ظل الوفرة المالية، فضلا عن التبرعات التي توجه اليه من بعض المؤسسات.
وما يلفت النظر ويثير علامات الاستفهام والاستغراب ايضا ان هناك من يسعى الى 'طمطمة' الامور والمخالفات والمشاكل بالمجمع، لمصلحة من لا احد يعلم؟!
بعض المديرين الذين تحدثوا بكل شفافية امام وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الشيخ صباح الخالد لا يزالون بانتظار بارقة الامل لانهاء معاناتهم التي طالت، خاصة في ظل عدم وجود وكيل مساعد يعمل على معالجة الخلل المتراكم.
ولعل ما حصل في حادثتين شهدهما مجمع دور الرعاية الاجتماعية الخميس الماضي في حلقة من حلقات التجاوزات وعدم الاستقرار فيه وينذر بخطورة الوضع على النزلاء هو اقدام نزيلة في الاحداث قسم 'الفتيات' على الانتحار، بعد ان قامت بجرح نفسها ومن ثم ابلاغ رجال المباحث الذين توجهوا بها الى المستشفى، وبعد علاجها وعودتها في اليوم نفسه الى المجمع ولدى خروج رجال المباحث حاولت القاء نفسها من اعلى الدرج العلوي، فقامت مفتشة الامن الموجودة بالدار والمشرفة بالامساك بها ووضعها بغرفة العزل.
وفي اليوم نفسه وقعت حادثة اخرى في ادارة الحضانة العائلية التي كان من المفترض ان تعالج سلوك النزلاء، بعد ان قامت الفتيات المتواجدات داخل الدار بالتعدي على المشرفة والقاء الاحذية عليها، الامر الذي دعاها إلى الهرب بعد ان قاموا باغلاق الاضاءة، وكرروا فعلتهم نفسها ليعتدوا عليها مرة اخرى وعلى ضابط الامن.
النزلاء انفسهم يشتكون من الواقع المرير في المجمع من جراء المعاملات السيئة وعدم وجود حوار سليم، فضلا عن عدم وجود من يسمع شكواهم.
مجمع دور الرعاية الذي يحتضر من جراء الاهمال الكبير يحتاج الى تحرك جدي من القياديين في وزارة الشؤون، ويجب ألا تترك الامور بمجرد وعود او تصريحات متفائلة بان الوضع بخير.
مسؤولون في المجمع يكشفون ل'القبس' حجم المعاناة بالقول 'اننا لا نجد قياديا يتابع اوضاع المجمع السيئة، ونحن لا نبالغ في ذلك، بل ان الامور اكبر من ذلك'.
واضافوا ان سياسة المجمع تعتمد على التنفيع وتحت شعار 'نفع واستنفع'.
واشار المسؤولون الى المشاكل التي يعاني منها المجمع باستمرار ومنها عدم توفير الخدمات والامكانات التي تخص النزلاء بشكل مباشر، والمباني غير المؤهلة رغم الترميمات كحلول ترقيعية.
واضاف المسؤولون ان الاهمال كبير في الاحتياجات اللازمة للنزلاء في الدور، فضلا عن هروب اعداد كبيرة من الكفاءات الوطنية الى خارج القطاع لعدم اهتمام الوزارة بهم والحرب الخفية التي يتعرضون لها.
واكدوا ان الوكيل المساعد لقطاع الرعاية الاجتماعية اخر من يعلم عن احتياجات ومشاكل القطاع، فضلا عن ان هناك مسؤولين ما يحلون ولا يربطون وهم مجرد اشخاص يجلسون خلف المكاتب.
وقالوا ان هناك مشاكل بين الموظفين المخلصين وبعض المسؤولين بسبب فضحهم واعتراضهم على ما يحدث من اخطاء كبيرة بالمجمع، وهذا الامر اثر سلبا على هؤلاء الموظفين الذين هم في الميدان اساسا.
واشاروا الى ان العديد من المسؤولين والموظفين غير الاكفاء (البطالة المقنعة) سعداء لوجود قياديين او مسؤولين لا يحاسبونهم او يفقهون شيئا عن الوضع في المجمع.
وحذر المسؤولون من تراكم الوضع والمخالفات في مجمع دور الرعاية لان الامور ستصبح فيه من سيئ الى اسوأ وسيأتي اليوم الذي تهرب فيه الكفاءات العاملة والمخلصة من المجمع.