الملف الصحفي


أستعراض تاريخيا / الأحد 14 أغسطس 2022

جريدة الجريدة 16 المحرم 1444هـ - 14 أغسطس 2022م

تباين قانوني ودستوري حول إصدار الحكومة مراسيم ضرورة لتعديل الجداول الانتخابية

شكلت قضية إصدار الحكومة لمراسيم الضرورة بشأن انتخابات مجلس الأمة وما يتعلق بالجداول الانتخابية محور اهتمام ومتابعة سياسية وقانونية على أعتاب القرارات الحكومية المرتقبة في هذا الشأن. فقد أثار التقرير الذي نشرته «الجريدة» الجمعة الماضي نقلاً عن مصادر رسمية قانونية مواقف متباينة حيال مضمون ما ذهبت إليه المصادر من أن الحكومة تدرس حالياً تعديل الجداول بدلاً من إصدار مراسيم ضرورة لتعديلها واعتماد التصويت وفقاً للعناوين الواردة في البطاقات المدنية، مستبعدةً إصدار هذه المراسيم.
قال رئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون إنه إذا صح ما نسب إلى مصادر قانونية رسمية ما نشرته «الجريدة» في عددها الجمعة الماضي من «أن الحكومة تدرس حالياً تعديل الجداول الانتخابية بدلاً من إصدار مراسيم ضرورة لتعديلها واعتماد التصويت وفقاً للعناوين الواردة في البطاقات المدنية»، فإن الحكومة ترتكب مخالفة قانونية جسيمة إذ لا يمكن تعديل هذا القانون إلا بقانون، وليس بقرار.
قرار باطل
وأضاف السعدون، أن ما ذُكر حول توقعات المصادر «بأن يتم التعامل مع قضية نقل الأسماء التي شهدتها بعض الجداول، وتبين مغايرتها للواقع والحقيقة، بأن تُعاد إلى دوائرها مجدداً بحسب ما تظهره العناوين على البطاقات المدنية» هو تأكيد رسمي «لما لحق بالجداول» من عبث، مؤكداً أن تصحيحها بعد حل المجلس واجب دستورياً بمرسوم بقانون.
ولفت إلى أن تعديل الجداول بقرار من الحكومة كما سلف قرار باطل وسلطة لا تملكها الحكومة، بل ولا يجوز للجان الانتخابات تنفيذ القرار لمخالفته للقانون، كما لا يجوز بأي حال ترك نقل الأسماء التي شهدتها بعض الجداول، «وتبين مغايرتها للواقع والحقيقة» دون تصحيحها بمرسوم بقانون وليس بقرار باطل.
وأضاف أن ذلك يكون بإلغاء الجداول التي شملها التغيير وتحرير أخرى جديدة تضم جميع من تتوافر فيهم شروط الانتخاب وفقاً لسجلات المعلومات المدنية «السجل المدني». والعمل على ألّا يؤدي أي فعل إلى شرعنة لباطل ومكافأة لمن قام بالعبث بالدوائر الانتخابية التي تَبَيّن أنها «مغايرة للواقع والحقيقة».
وطالب السعدون، خلال حديثه لـ «الجريدة»، الحكومة بالعمل على إصدار مرسوم بقانون لإزالة العيوب التي شابت الجداول الانتخابية حتى تقام الانتخابات المقبلة على نحو صحيح، وتكون نتائجها معبرة عن إرادة الأمة.
مراسيم الضرورة
من جانبه، أكد رئيس المجلس الأعلى للقضاء، رئيس المحكمة الدستورية، رئيس محكمة التمييز الأسبق المستشار فيصل المرشد عدم تأييده لإصدار الحكومة لمراسيم الضرورة في هذا الوقت لارتباط الأمر بالعملية الانتخابية، لافتاً إلى أنه ليس مناسباً إصدار أي مراسيم تتعلق بالانتخابات، لأنها ستكون محلاً للطعن عليها.
وأضاف المرشد: «بغض النظر عن نتيجة الانتخابات، فإن الكرة سوف تنتقل إلى المحكمة الدستورية، وستتعطل مصالح المجلس والحكومة بانتظار ما ستنتهي إليه نتيجة الحكم وسيفرغ المرسوم من ضروريته، ولذلك لا أؤيد إصدار مراسيم للضرورة، والأفضل العمل وفق النظام الانتخابي الحالي، مؤكداً «طالما بدأنا بداية طيبة وإصلاحية علينا أن نستمر في هذا النهج القوي».
السيادة للأمة
أما الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي، فيقول، إذا كان موقف الدستور من موضوع تحديد من يمتلك السيادة في الكويت واضحاً فهو أيضاً واضح في تقرير أسلوب ممارسة هذه السيادة، فالمادة السادسة تقرر أن السيادة للأمة وتقرر أنها تمارس على النحو المقرر في الدستور، ومطالعة نصوص الدستور تسمح لنا بتأكيد أن الديموقراطية التي أخذ بها الدستور الكويتي هي الديموقراطية النيابية، التي لا تستقيم بدون مجلس منتخب، ويجب أن تعبر الانتخابات بأكبر قدر من المصداقية والنزاهة والفعلية عن إرادة الناخبين، وعليه يحسن أن نعرض للتصور الدستوري للعملية الانتخابية من حيث القواعد التي تحكمها، وبعد ذلك نعرض للقواعد القانونية التي تحكم الجداول الانتخابية.
العملية الانتخابية
وأوضح الفيلي: ولعل ذلك يسمح لنا بالخلوص إلى رأي في تحديد دور السلطة التنفيذية في موضوع الجداول الانتخابية:
أولاً: موقف الدستور من تنظيم العملية الانتخابية:
حسب نص المادة 80 من الدستور «يتألف مجلس الأمة من خمسين عضواً ينتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر وفقاً للأحكام التي يبينها قانون الانتخاب، ويعتبر الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة أعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم» وكما يتضح من مطالعة النص فهو يتضمن عدداً من الأحكام هي:
- عدد الأعضاء المنتخبين.
- عدد من الأحكام الواجبة التطبيق على العملية الانتخابية، فالانتخاب يجب أن يكون عاماً سرياً مباشراً.
- أحال قانوناً خاصاً ينظم مجموع الأحكام الخاصة بالعملية الانتخابية وهو قانون الانتخاب، ووجوب تخصيص قانون محدد يجمع أحكام هذا الموضوع على الأرجح يكمن في تحقيق التجانس في القواعد التي تحكم العملية الانتخابية.
- قرر أن الوزراء غير المنتخبين أعضاء في مجلس الأمة بحكم وظائفهم، وهذا الحكم يكمل الأحكام الواردة في المادة 56 وتكمله أحكام أخرى واردة في نصوص متفرقة من الدستور.
قانون الانتخاب
وتابع: إذا كان الدستور رسم بعض القواعد في علاقة الحكومة بمجلس الأمة بعد تمام العملية الانتخابية، فهي تدعوه للانعقاد وتفض دور الانعقاد وتؤجل اجتماعاته وتحله، وهو في هذا الأمر حدد الأداة التي تستخدم وهي المرسوم، وحدد بعض الأحكام الخاصة بهذه العلاقة، ولكن الدستور لم يعط للحكومة دوراً في العملية الانتخابية ذاتها تاركاً ذلك للقانون الذي وردت له الإشارة في المادة 80 وهو قانون الانتخاب.
وأضاف، ويترتب على هذا التحليل أنه ليس للحكومة دور في العملية الانتخابية خارج الدور الذي يرسمه لها القانون المشار له في المادة 80، وقد يقول قائل إن الحكومة منوط بها دستورياً إدارة المرافق العمومية وتحقيق الضبط الإداري، فنقول إن ذلك يكون في الحدود المقرة بالقانون حال وجوده، كما أننا بصدد حكم خاص مقرر في الدستور وهو وجوب ورود كل الأحكام الخاصة بالانتخاب في قانون محدد وهو قانون الانتخاب، ويكون دور الإدارة في العملية الانتخابية في الحدود التي رسمها قانون الانتخاب فقط.
ثانياً: الجداول الانتخابية
تنظيم العملية الانتخابية يقتضي تحديد من سيشارك فيها قبل إجرائها، كما أن هذا التحديد يسمح للمرشحين بمعرفة موقفهم من عملية الترشيح، ومن الممكن أن يؤثر على مضمون خطابهم الانتخابي، وقد استقر العمل على مستوى القانون المقارن على إعداد قيود تتضمن أسماء من لهم حق الانتخاب، ويتم إعداد هذه القيود في وقت سابق على العملية الانتخابية بغرض التأكد من توافر الشروط التي حددها القانون في الناخب.
وبغير ذلك سيكون تنظيم العملية الانتخابية صعباً إلى درجة قد لا تسمح للناخبين بالانتخاب على نحو واقعي وسلس، إذ يلزم التأكد من توافر الشروط التي حددها القانون عند تقدم كل ناخب للإدلاء بصوته وقت الانتخاب مع توفير ضمانات للاطمئنان على سلامة القرار الناتج عن عملية الفحص عند التقدم للانتخاب.

الصفحة (1) من اجمالى(2)

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور