جريدة القبس - الخميس, 1 مارس, 2007 - 12 صفر 1428- رقم العدد: 12120

ما يستجد من اعمال
دعوات تنقيح الدستور

ما ان يمارس مجلس الامة دوره الرقابي في استجواب اي وزير حتى تخرج بعض الاصوات مطالبة بإعادة النظر في ثلاث من مواد الدستور تتعلق بتوجيه الاستجوابات وطرح الثقة في الوزراء والفترة المخصصة لمشاورات التشكيلة الحكومية وعدد اعضاء مجلس الامة باعتبارها جزءا من مبررات لم تعد قائمة بحكم التطور التاريخي والسكاني.
ولم يكن الاستجواب الموجه الى وزير الصحة احمد العبدالله استثناء من تلك الدعوات، حيث لاحظنا خلال الايام الماضية 'حملة' مبرمجة تناولت تلك المواد بانتقاد شديد لأنها، حسب مطلقي تلك الحملة، ادت الى تعثر البلاد وتخلفها حتى سبقها من هو اقل منها خلال بضع سنوات، وكأننا موعودون بتطور يضاهي الدول المتقدمة مثلا، وكأن وجود تلك المواد منع من التجاوز على المال العام وسواء في مشاريع ال بي او تي او في نهب مقدرات الدولة من جانب بعض المتنفذين نهارا جهارا وتحت نظر وسمع مجلس الامة .. والحوادث كثيرة.
ويبدو ان الاخوة مطلقي تلك الحملة لم ينتبهوا إلى ان الامر ليس جديدا على الساحة، فقد لفظنا بالامس القريب اربعين عاما من محاولات 'تنقيح' الدستور تحت مبررات وحجج كثيرة تأخذ تارة طابع التحدي والتطاول وتارة طابع الشعارات والمصلحة العامة، وان كل ذلك مر بتشكيل لجان وحملات لولا تحركات المخلصين من ابناء هذا البلد لتحول الدستور الكويتي الى مجرد ورقة للتندر والاستهزاء بدلا من ان تكون مشروعا حيويا من اجل تطوير المجتمع وتنميته.
وبغض النظر عما تحمله ضمائر من يصرخون بتلك المطالبات بين الحين والآخر ايجابا او سلبا فإن القضية ليست استجوابا او طرح ثقة او زيادة في عدد النواب لأن كل تلك المواد قد فرغت من محتواها بعد تعديل الدوائر الى خمس وعشرين دائرة بل ان القضية هي جزء من مشروع مضاد 'اختمر' في العقل الباطن لمناهضي الدستور ولم يتوقفوا عن محاولة تسويقه في كل مرة تسنح لهم الفرصة.
ان محصلة ما يجري استبدال ما نحن فيه بما فيه غيرنا، اي العودة بالتاريخ اربعين عاما الى الوراء لأن ذلك ما يعيشه من نريد ان نتشبه بهم أي ان يتحول ثلاثون او اربعون في المائة من الكويتيين الى تحت خط الفقر مقابل ان ننعم بهدوء لا يعكر صفوه استجواب وزير او طرح الثقة به، ولعل ذلك يرشحنا الى سماع عبارة كتلك التي اطلقتها ماري انطوانيت 'أعطوهم بسكو...' فهل هذا ما تريدون؟!