الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

الراي العام - الاحد 23/5/2004

المحكمة الدستورية تؤجل طلب تفسير المادة 99 من الدستور ومحامو المجلس يؤكدون
: هناك مساعٍ لسحب الموضوع بسبب اقتراحات حكومية

كتب أحمد لازم:
أجلت المحكمة الدستورية امس برئاسة المستشار عبدالله العيسى طلب تفسير المادة 99 من الدستور المرفوع من نائب رئىس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الامة محمد ضيف الله شرار الى 1 نوفمبر كطلب الحاضرين عن مجلس الامة في ما قرروه بوجود مساع توفيقية بين المجلس والحكومة.
وحضر النواب عبدالله الرومي واحمد المليفي ووليد الجري والمحامون عادل عبدالهادي وعماد السيف ولبيد عبدال ونواف ساري المطيري ونضال الحميدان عن المجلس في حين حضر المستشار الدكتور حمدي الدويك من الفتوى والتشريع عن مجلس الوزراء وقدم مذكرة بدفاعه.
وطلب النواب الرومي والجري والمليفي اجلا للاطلاع على المذكرة المقدمة من الفتوى والتشريع وان يكون الاجل واسعا لان هناك محاولات ومساعي لسحب هذا الطلب بتفسير المادة 99 من الدستور والطلب الاخر الخاص بالاستجواب نظرا الى ان المجلس الان لديه اقتراحات بقوانين لتعديل اللائحة الداخلية في مجلس الامة بما يتلافى الخلافات بين المجلس والحكومة.
واضافوا ان «الحكومة قدمت طلبا بتعديلات عامة على اللائحة في ما يتضمن طلب التفسير وطلب تفسير الاستجواب بما يتلافى اوجه الخلاف».
وترافع المستشار الدكتور حمدي الدويك وقال: تمسك مجلس الامة في مذكرته بعدم اختصاص المحكمة الدستورية بتفسير نصوص القوانين، وبعدم قبول طلب التفسير، سواء لبطلان اجراءات ايداعه، او لعدم بيان اهمية النصوص المطلوب تفسيرها ومدى تأثيرها في التطبيق العملي، كما تضمنت المذكرة المنوه عنها الرد على رأي مجلس الوزراء المتعلق بالاسئلة موضوع طلب التفسير, واضاف الحاضرون عن المجلس بجلسة 71/4/4002 دفعا اضافيا ببطلان تمثيل وعدم صحة حضور ادارة الفتوى والتشريع عن مجلس الوزراء مقدم طلب التفسير.
وفيما يلي الرد على المذكرة المنوه عنها والدفع الاضافي:
1- الرد على الدفع ببطلان تمثيل وعدم صحة حضور ادارة الفتوى والتشريع عن مجلس الوزراء مقدم طلب التفسير:
أقام مجلس الأمة دفعه السابق على سند من حكم المادة الثامنة من المرسوم الاميري رقم 21 لسنة 0691 بقانون تنظيم ادارة الفتوى والتشريع لحكومة الكويت التي حددت ولاية هذه الادارة في الدفاع عن مصالح الخزانة العامة في جميع القضايا التي ترفع امام المحاكم عن الحكومة او منها وهو ما يخرج عنه طلب التفسير الماثل.
وهذا الدفاع غير سديد لما يأتي:
أ- من المقرر، وفقا لحكم المادة (2/1) من قانون المرافعات، انه لا يقبل اي طلب او دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون.
واذ كان المقرر - بلا خلاف وعلى التفصيل الوارد في ردنا على الدفع المبدى من مجلس الامة بعدم قبول طلب التفسير لبطلان اجراءات ايداعه - ان للمحكمة الدستورية ان تقضي في طلب التفسير المطروح دون تحديد جلسة للمرافعة فيه اصلا، فمن ثم يكون حضور كل او بعض اطراف طلب التفسير غير لازم للفصل فيه، وبالتالي يكون حضور ممثل لاي من مجلس الوزراء او مجلس الامة امام المحكمة الدستورية غير ذي اثر قانوني، لان قيد طلب التفسير والرد عليه وايداعهما ادارة كتاب تلك المحكمة من جانب كل من مجلس الوزراء ومجلس الامة، ينتجان بذاتهما الاثر القانوني المحدد, ويكون للمحكمة سالفة الذكر الفصل في طلب التفسير على ضوء الاوراق المقدمة اليها من اطرافه دون حاجة لتحديد جلسة لنظر طلب التفسير اصلا، وبالتالي دون حاجة لحضور من يمثل اطراف الطلب, ولذلك لا يكون لمجلس الامة ادنى مصلحة في التمسك ببطلان تمثيل وعدم صحة حضور ادارة الفتوى والتشريع عن مجلس الوزراء مقدم الطلب، ذلك ان هذا الطلب سيقضي فيه من جانب المحكمة سواء حضرت الادارة المذكورة ومثلت مجلس الوزراء او لم تحضر, ومن ثم يكون هذا الدفع او الدفاع غير مقبول قانونا لتخلف شرط المصلحة.
ب- الاجماع منعقد بين كافة المشتغلين بالقانون على ان النصوص التشريعية تظل قائمة ونافذة الاثار الى ان يتم الغاؤها او تعديلها لاحقا باداة قانونية مساوية لها او اعلى منها في المرتبة القانونية.
وحيث نصت المادة (071) من الدستور الصادر بتاريخ 11/11/2691 على ان: (يرتب القانون الهيئة التي تتولى ابداء الرأي القانوني للوزارات والمصالح العامة، وتقوم بصياغة مشروعات القوانين واللوائح، كما يرتب تمثيل الدولة وسائر الهيئات العامة امام جهات القضاء).
كما نصت المادة (081) من الدستور ايضا على ان: (كل ما قررته القوانين واللوائح والمراسيم والاوامر والقرارات المعمول بها عند العمل بهذا الدستور يظل ساريا ما لم يعدل او يلغ وفقا للنظام المقرر بهذا الدستور، وبشرط الا يتعارض مع نص من نصوصه).
واذ كان المرسوم بالقانون رقم 21 لسنة 0691 قد حدد في مادته الثانية ولاية ادارة الفتوى والتشريع في الدفاع عن مصالح الخزانة العامة فقط امام المحاكم، في حين حددت المادة (071) من الدستور لاحقا هذه الولاية ووسعتها الى تمثيل الدولة، بسلطاتها الثلاث تشريعية وتنفيذية وقضائية وسائر الهيئات العامة امام المحاكم، فمن ثم يكون الدستور قد عدل ولاية ادارة الفتوى والتشريع على النحو الوارد بالمادة (071) منه.
وحيث ان تعديل الولاية على النحو السالف قد تم بنص دستوري اعلى في المرتبة القانونية من النص التشريعي الوارد في المادة الثامنة من المرسوم بالقانون رقم 21 لسنة 0691 سالفة الذكر، كما ان الدستور قد صدر لاحقا لهذا القانون، فضلا عن ان المادة (081) من الدستور قد اوقفت سريان المادة الثامنة سالفة الذكر بعد ان عدلتها المادة (071) من الدستور فمن ثم تكون المادة (071) من الدستور التي وسعت ولاية ادارة الفتوى والتشريع وجعلتها شاملة وجامعة لتمثيل كافة سلطات الدولة الثلاث بالاضافة الى الهيئات العامة امام القضاء، بدلا من المادة الثامنة من المرسوم بالقانون 21 لسنة 0691 المحتج بنصها، هي الواجبة التطبيق، باعتبارها الاعلى في المرتبة القانونية وفقا لمبدأ المشروعية او تدرج النص، ولكونها لاحقة للمادة الثامنة سالفة الذكر نزولا على مبدأ اللاحق يلغي السابق.
واذ كان مجلس الوزراء مقدم طلب التفسير شطر من السلطة التنفيذية بلا خلاف، فمن ثم تنعقد الولاية لادارة الفتوى والتشريع في تمثيله امام المحاكم، ويضحى الدفاع الصادر عن مجلس الامة ببطلان تمثيل وعدم صحة حضور هذه الادارة عن مجلس الوزراء غير سديد قانونا ويتعين الالتفات عنه، لهذا السبب ايضا.
ونخلص من ذلك الى ان الدفع ببطلان تمثيل وعدم صحة حضور ادارة الفتوى والتشريع عن مجلس الوزراء مقدم طلب التفسير امام المحكمة الدستورية فاقد لما يسانده قانونا, سواء لصدوره من غير ذي مصلحة، او لان المادة (071) من الدستور، التي وسعت نطاق ولاية الادارة امام المحاكم، هي الواجبة التطبيق دون نص المادة الثامنة من المرسوم بالقانون رقم 21 لسنة 0691، باعتبار ان النص الدستوري هو الاعلى في المرتبة القانونية وفقا لمبدأ المشروعية او تدرج النصوص، فضلا عن كونه نصا لاحقا للنص التشريعي بما يلزم تطبيقه وفقا لقاعدة اللاحق يلغي السابق او يعدله طالما اتخذ معه في المرتبة القانونية او كان اعلى منه فيها.
2- الدفع بعدم اختصاص المحكمة الدستورية بتفسير نصوص القوانين:
لا خلاف على ان المحكمة الدستورية لا تختص بتفسير نصوص القوانين - والطلب المقدم من مجلس الوزراء لا يطلب من المحكمة تفسير نص تشريعي وانما يطلب تفسير نص دستوري هو نص المادة (99) من الدستور.
فالحاصل في طلب التفسير الماثل، ان المحكمة الدستورية لا يمكنها الاجابة على بعض الاسئلة المطروحة بشأن النص الدستوري المطلوب تفسيره الا اذا فسرت معه نصوص اخرى مرتبطة به، سواء كانت هذه النصوص المرتبطة نصوصا دستورية او نصوصا وردت في قوانين اساسية.
وقد حسمت المحكمة الدستورية هذا الامر في قراريها الصادرين في الطلب رقم 1 لسنة 5891 تفسير بجلسة 92/6/5891 والطلب رقم 62 لسنة 6991 تفسير بجلسة 8/1/7991 المشار اليهما بالتفصيل في طلب التفسير الماثل في الصفحات أرقام 81 حتى 12 منه.
كما يؤكد ما تقدم ان ذات مجلس الامة حين تقدم بطلب التفسير رقم 62/6991 سالف الذكر لتفسير المادتين (29 و79) من الدستور لتحديد المقصود بعبارة «الاغلبية المطلقة» قد استند الى بعض مواد لائحة مجلس الامة التي صدرت استنادا للتفويض الدستوري المنصوص عليه في المادة (711) من الدستور.
(راجع كلام الحكم الصادر في هذا الطلب، مجموعة المحكمة الدستورية، المجلد الاول، ص 493 وما بعدها)
كما استعانت المحكمة الدستورية ايضا ببعض احكام لائحة مجلس الامة لدى تفسيرها بعض النصوص الدستورية في بعض طلبات التفسير الاخرى.
(راجع حكمها في الطلب رقم 3/28 تفسير بجلسة 8/11/2891، المرجع السابق، ص313 وما بعدها, وكذلك الطلب رقم 9 لسنة 1002 تفسير بجلسة 03/1/2002، المرجع السابق، ص114 وما بعدها)
وعلى ذلك فان الاشارة الى نصوص بعض مواد لائحة مجلس الامة باعتبارها من القوانين الاساسية، وفقا لما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية، كنصوص مرتبطة بالنص الدستوري المطلوب تفسيره رقم «99» لا يعني البتة طلب تفسير نصوص تشريعية تخرج عن نطاق اختصاص المحكمة المذكورة، ومن ثم يكون تمسك مجلس الامة بهذا الدفاع فاقدا لسند القانوني الصحيح.
3- الدفع بعدم قبول الطلب لبطلان إجراءات ايداعه:
اقام مجلس الامة هذا الدفع على سند من ان مرسوم اصدار لائحة المحكمة الدستورية قد خلا من بيان اجراءات تقديم طلبات التفسير امام المحكمة الدستورية، بما ينبغي معه الرجوع في هذا الشأن الى الاوضاع المقررة في قانون المرافعات والقانون رقم 04 لسنة 2791 بشأن حالات الطعن بالتمييز واجراءاته، ومن ثم المادة «351» من قانون المرافعات وكذا المادة «01» من القانون 04 لسنة 2791 سالف الذكر اللتين اشترطتا توقيع احد المحامين على الصحيفة وإلا ترتب البطلان المتعلق بالنظام العام, بما يتعين معه بيان صفة من اودع طلب التفسير الماثل بادارة كتاب المحكمة الدستورية حتى يمكن التأكد من انه ضمن من حددهم المشرع بالمادتين «6 و81» من القانون رقم 24 لسنة 2691 في شأن تنظيم مهنة المحاماة امام المحاكم, واذ خلت الاوراق من بيان صفة من اودع طلب التفسير المعروض ادارة كتاب المحكمة الدستورية، كما خلت من سند نيابته او وكالته عن مجلس الوزراء، فإن اتصال المحكمة بموضوع الطلب يكون غير مطابق للاوضاع المقررة في القانون، ويكون قد شاب اجراءات ايداعه البطلان لمخالفته نصوص القانون.
وهذا الدفاع برمته فاقد للسند القانوني، وذلك لان طلب التفسير - وعلى ما اسلفنا في صلب طلب التفسير - لا يتسم بالطابع القضائي، وليس نزاعا في خصومة، ولا يصدر فيه حكما قضائيا وانما قرار بما انتهى اليه رأي المحكمة الدستورية، ويمكن لهذه المحكمة ان تصدر قرارها فيه دون تحديد جلسة للمرافعة فيه امامها، وذلك على التفصيل الاتي:
أ- المشرع لم يستلزم توقيع محام على طلبات التفسير:
تنص المادة الاولى من القانون رقم 41 لسنة 3791 بانشاء المحكمة الدستورية على ان: (تنشأ محكمة دستورية تختص دون غيرها بتفسير النصوص الدستورية، وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح، وفي الطعون الخاصة بانتخاب اعضاء مجلس الامة او بصحة عضويتهم، ويكون حكم المحكمة الدستورية ملزما للكافة ولسائر المحاكم).
وتحت الفصل الاول المتعلق بطلبات تفسير النصوص الدستورية من الباب الاول المتعلق بتقديم الطلبات والطعون، نصت المادة الاولى من مرسوم اصدار لائحة المحكمة الدستورية على ان (الطلب الذي يقدم من مجلس الامة او من مجلس الوزراء بشأن تفسير النصوص الدستورية يجب ان يتضمن النص الدستوري المراد تفسيره والمبررات التي تستدعي التفسير).
كما نصت المادة الثانية من ذات المرسوم السابق على ان: (يقيد قلم كتاب المحكمة يوم وروده في السجل المعد لذلك ويقوم بعرضه على رئيس المحكمة لتحديد تاريخ الاجتماع الذي ينظر فيه الطلب ومكانه، وتخطر الجهة طالبة التفسير بذلك بكتاب مسجل قبل تاريخ الاجتماع باسبوع على الاقل).
في حين نصت المادة «11» من ذات اللائحة - وعلى عكس ما هو كائن بالنسبة لطلبات التفسير المقدمة من مجلس الامة او مجلس الوزراء - على ان: (تنظر المحكمة المنازعات والطعون في جلسة علنية، إلا اذا قررت ان تكون الجلسة سرية اذا كان ذلك ضروريا مراعاة للمصلحة العامة او النظام العام او الاداب العامة, ويحكم في المنازعة او الطعن بغير مرافعة شفوية إلا اذا رأت المحكمة ضرورة المرافعة الشفوية فلها سماع اطراف النزاع وذوي الشأن او محاميهم، ولها ان تطلب مذكرات في الميعاد الذي تحدده).
ومن جموع هذه النصوص يتضح ان تفسير نصوص الدستور انما يكون بطلب وليس بصحيفة دعوى كما هو الحاصل في المنازعات التي تطرح على المحاكم، صادر من مجلس الامة او من مجلس الوزراء، ويقيد في السجل المعد لذلك بالمحكمة الدستورية، ثم يعرض على رئيس المحكمة الدستورية ليحدد تاريخ الاجتماع الذي ينظر فيه الطلب ومكانه، وليس تحديد جلسة علنية كأصل واجب في سائر المنازعات التي تطرح على المحاكم وضمنها المحكمة الدستورية وفقا للمادة «11» من لائحتها، ثم تقوم المحكمة الدستورية باخطار الجهة طالبة التفسير، وليس الجهتين المختلفتين في الرأي محل طلب التفسير، على خلاف الاصل الجوهري اللازم المتمثل في مبدأ المواجهة بين الخصوم المنصوص عليه في قانون المرافعات، وكذا المادة «11» من لائحة المحكمة الدستورية.
ومن هذا كله يتضح ان المشرع قد خص طلب التفسير باجراءات خاصة منصوص عليها في المادتين «1 و2» من لائحة المحكمة الدستورية لا تتماثل مع باقي تلك الاجراءات المنصوص عليها في اللائحة المذكورة او في قانون المرافعات او غيره من القوانين الاجرائية المتعلقة بطرح الدعاوى امام المحاكم، ومن ثم تسري هذه القواعد الاجرائية الخاصة دون غيرها على تلك الطلبات اعمالا لقاعدة الخاص يقيد العام.
واذ كان الواضح ان المشرع لم يستلزم توقيع محام على طلب التفسير لقبوله، بل اكتفى بتقديم مجرد طلب عادي من مجلس الامة او من مجلس الوزراء، فمن ثم يكفي لقبول طلب التفسير تأكد المحكمة الدستورية من ان هذا الطلب قد صدر عن مجلس الامة او مجلس الوزراء.
وحيث ان الثابت ان طلب التفسير موقع عليه من نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ومطبوع على الاوراق الخاصة به، فمن ثم يكون الطلب المذكور مقدما الى المحكمة الدستورية من ذي صفة في النيابة عن مجلس الوزراء، وفقا لقانون انشاء المحكمة الدستورية ومرسوم لائحتها التنفيذية.
وعلى ذلك لايكون ثمة مساغ للدفع بعدم قبول الطلب لعدم التوقيع عليه من محام، اذ لا يجوز التمسك باجراء لم يرد به نص من المشرع مع ما هو معروف بان القواعد الاجرائية الجوهرية من قبيل القواعد المتصلة بالنظام العام والتي لا يجوز افتراضها بل يلزم النص عليها بوضوح.
ب- استقرت المحكمة الدستورية على ان طلبات التفسير لا تتسم بالطابع القضائي وليست فصلا في خصومة
فقد استقرت قرارات المحكمة الدستورية، كما اوضحنا في صلب طلب التفسير الماثل ص «51» توقعا لمثل هذا الدفاع من مجلس الامة، على ان: (طلب التفسير لايتسم بالطابع القضائي الذي يقوم على الادعاء والدفاع وحسم خلاف يدور بين طرفين، وانما تباشر المحكمة الدستورية نظر الطلب عندما يقدم لها من الحكومة او مجلس الامة لتفسير نص دستوري معين لاستجلاء معانيه ومقاصده لوجود لبس او غموض لدى اي من هاتين السلطتين في كيفية تطبيقه واعمال اثره وتباين الآراء والافكار حوله، وليس بلازم ان يصل الامر الى حد الخلاف او المنازعة بالمعنى المعروف في قانون المرافعات، بل يكفي ان يدور حول نص دستوري اكثر من رأي على نحو يغم معه اعمال حكمه، سواء بين اعضاء مجلس الامة او فيما بين اعضاء مجلس الوزراء، او فيما بين مجلس الامة والحكومة، ليسوغ الالتجاء الى المحكمة الدستورية بغية تجلية الغموض الحاصل في هذا المجال، وذلك ضمانا لوحدة التطبيق الدستوري واستقراره).
«راجع قرارتها في الطلب رقم 1/58 تفسير بجلسة 92/6/5891، والطلب رقم 9/1002 تفسير بجلسة 03/1/2002، والطلب رقم 01/2002 تفسير بجلسة 2/2/3002، منشورة بالمرجع السابق، ص 323 وما بعدها، ص 114 وما بعدها، ص 824 وما بعدها على التوالي».
فالثابت وفقا للقرارات السابقة، فضلا عن السوابق العملية، انه يكفي لقبول طلب التفسير المطروح على المحكمة الدستورية، سواء من مجلس الوزراء او مجلس الامة، ان يكون هناك اكثر من رأي داخل اي من السلطتين السابقتين بشأن تطبيق نص دستوري.
وقد سبق لمجلس الامة حين تعددت الاراء داخله حول المقصود بعبارة «الاغلبية المطلقة للحاضرين المنصوص عليها في المادة «29» من الدستور» وبدون ان يثار اي خلاف مع الحكومة حول هذه المسألة، ان تقدم بطلب التفسير رقم 62 لسنة 6991 الى المحكمة الدستورية لتحديد المقصود بتلك العبارة، وفصلت فيه المحكمة بجلسة 8/1/7991.
(منشور بالمجموعة السابقة، ص 493 وما بعدها)
كما سبق لمجلس الوزراء حين تعددت الآراء داخله، ان تقدم الى المحكمة الدستورية بطلب التفسير رقم 9 لسنة 1002 لتفسير المادة (541) من الدستور المتعلقة بالميزانية على ضوء حكم المادتين (79 و 791) من الدستور، وقد فصلت فيه المحكمة بجلسة 03/1/2002.
(منشور بالمجموعة السابقة، ص 114 وما بعدها)
ومن ثم لا يصح تكييف الطلبين السابقين من كل من مجلس الامة ومجلس الوزراء بانهما منازعة قانونية وخصومة من الخصومات المشار اليها في قانون المرافعات, اذ لا يتصور ان يخاصم جانب من اعضاء مجلس الامة الجانب الاخر المخالف لهم امام القضاء في مسألة دستورية، ولا جانب من اعضاء مجلس الوزراء الجانب الآخر المخالف لهم في الرأي امام المحكمة الدستورية.
لما كان ذلك, وكان قانون المرافعات بالاضافة الى غيره من القوانين الاجرائية الاخرى انما تتعلق جميعها بطرح الدعاوى على المحاكم للفصل في الخصومات بين اطرافها بحكم يصدر فيها، وكانت طلبات التفسير المطروحة على المحكمة الدستورية ليست برمتها من قبيل الدعاوى التي تثور فيها خصومة بين اطرافها اصلا على ما اسلفنا، كما وان المواد من (61) الى (02) من لائحة تلك المحكمة قد اشارت الى ان ما يصدر عن المحكمة في طلبات التفسير انما هي قرارات وليست احكاما، فمن ثم لا تسري احكام قانون المرافعات ولا اي قانون اجرائي اخر مثل القانون رقم 04 لسنة 2791 بشان حالات الطعن بالتمييز واجراءاته، المستدل بهما من جانب مجلس الامة على طلبات التفسير التي تقدم من مجلس الامة او مجلس الوزراء اصلا.
وعلى ذلك لا تسري احكام المادة (351) من قانون المرافعات ولا المادة (01) من القانون 04 لسنة 2791 بشان حالات الطعن بالتمييز واجراءاته على طلب التفسير الماثل، ولا على اي طلب تفسير يقدم من مجلس الامة او مجلس الوزراء الى المحكمة الدستورية لتفسير نصوص الدستور اصلا.
ج- عدم سريان قانون المحاماة على طلبات التفسير :
ان القانون رقم 24 لسنة 4691 في شأن تنظيم مهنة المحاماة امام المحاكم انما يخاطب المحامين من ذوي المكاتب الخاصة حالة رفعهم الدعاوى امام المحاكم باسم اشخاص القانون الخاص دون غيرهم, ومن ثم لا يخاطب السلطات العامة الثلاث في الدولة لدى طرحها لاي دعوى امام المحاكم اصلا, ومن ثم لا تسري احكام القانون سالف الذكر في طلبات التفسير المقدمة سواء من مجلس الامة او مجلس الوزراء امام المحكمة الدستورية.
وقد اكدت ذلك المادة (81) من القانون سالف الذكر بعد تعديلها بالقانون رقم 26 لسنة 6991 حيث نصت على انه : «فيما عدا الدعاوى التي لا تزيد قيمتها عن خمسة الاف دينار تبطل صحيفة الدعوى او الطعن او الالتماس اذا لم توقع من محام مقبول امام المحكمة التي ترفع اليها, ولا يسري ذلك على ما ترفعه الحكومة منها».
د- جميع طلبات التفسير السابقة المقدمة سواء من مجلس الامة او من مجلس الوزراء لم يوقع عليها محامون :
الثابت ان جميع طلبات التفسير السابقة لهذا الطلب واللاحقة له كذلك، سواء في ذلك المقدمة من مجلس الامة او مجلس الوزراء، غير موقع عليها من محامين من ذوي المكاتب الخاصة او من اعضاء ادارة الفتوى والتشريع.
وهذه وان كانت حجة عملية الا انها تكشف بوضوح عن ان المحكمة الدستورية منذ تقديم اول طلب تفسير لها عام 2891 والى الان لم تشترط توقيع محام على اي من طلبات التفسير التي عرضت عليها، مع ما هو مقرر بان الاجراءات امام تلك المحكمة هي اجراءات جوهرية يتعين مراعاتها، وللمحكمة بل عليها واجب التحقق من صحة اجراءات اتصال طلبات التفسير بها، دون طلب او دفاع من احد، باعتبار ذلك من النظام العام الذي تتصدى له المحكمة الدستورية من تلقاء نفسها, وهو ما يؤكد عدم صحة الدفع المبدى من مجلس الامة.
ومن هذا كله يتضح ان الدفع بعدم قبول طلب التفسير لبطلان اجراءات ايداعه قد تنكبت صحيح حكم القانون ويتعين الالتفات عنه، سواء لان المشروع لم يستلزم توقيع محام على طلبات التفسير اصلا، او لان الحكمة الدستورية قد استقرت على ان طلبات التفسير لا تتسم بالطابع القضائي وليست فصلا في خصومة، او لان قانون المحاماة رقم 24 لسنة 4691 لا يسري على طلبات التفسير السابق تقديمها الى المحكمة الدستورية، منذ ان قدم اول طلب اليها عام 2891 والى الان، سواء من مجلس الوزراء او من مجلس الامة، لم يوقع اي منها محام من ذوي المكاتب الخاصة، وانما كان التوقيع عليها دائما من وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء في الطلبات المقدمة من مجلس الوزراء، او من رئيس مجلس الامة في الطلب الوحيد المقدم من مجلس الامة.
4- الرد على الدفع بعدم قبول طلب التفسير لعدم بيان اهمية النصوص المطلوب تفسيرها ومدى تأثيرها في التطبيق العملي:
اقام مجلس الامة هذا الدفع على اساس ان طلب التفسير الماثل قد اقتصر على سرد النصوص المطلوب تفسيرها فحسب، دون ان يبين اهمية تلك النصوص ولا ما اثارته من خلاف في التطبيق العملي بما يستدعي تفسيرها، وهو ما جعل الطلب عاما مجهلا.
والواضح ان هذا الدفاع منبت الصلة بالواقع الجاري الذي تم بسطه في طلب التفسير، اذا يتضح من الاسئلة المطروحة على الحكمة الدستورية للاجابة عليها، والمبررات التي الجأت مجلس الوزراء الى تقديم الطلب والاجابات التي استقر رأى مجلس الوزراء عليها، ومضابط الجلسات المشار اليها في الطلب وحافظة المستندات المرفقة مع الطلب التي اظهرت الخلافات العميقة بين مجلس الوزراء ومجلس الامة، الاهمية القصوى لهذا الطلب، ومدى تأثير ما سوف تنتهي اليه المحكمة الدستورية من ضوابط للسؤال البرلماني، سواء لدى طرحه من اعضاء مجلس الامة او في اجابات رئيس مجلس الوزراء والوزراء عليها، على وحدة التطبيق واستقراره على اسس محددة، حتى يكون التعاون بين السلطتين بشان السؤال البرلماني قائما على اسس متينة وصحيحة من الشرعية الدستورية.
اكثر من ذلك فان مذكرة الرد المقدمة من مجلس الامة بجلسة 71/4/4002 فيها الرد الكافي على الدفاع السابق للمجلس المذكور، حيث اعترض هذا المجلس على اجابات مجلس الوزراء على اربعة اسئلة من الخمسة المطروحة على المحكمة، واختار لها اجابة مخالفة لاجابة الحكومة بما يؤكد اهمية طرح هذا الطلب باسئلته على المحكمة الدستورية لتقرير الاجابة الموحدة عليها حتى تلتزم بها السلطتان في المستقبل.
ومن ثم لا يكون لهذا الدفاع من جانب مجلس الامة اي سند من واقع او قانون، بما يوجب رفضه.
5- الرد على رد مجلس الامة على الاسئلة المطروحة على المحكمة :
اتفق مجلس الامة مع رأي مجلس الوزراء بشان الاجابة على السؤال الثاني المطروح على المحكمة الدستورية، حيث اتفقا على انه يجب ان يكون السؤال البرلماني الموجه من عضو مجلس الامة الى رئيس مجلس الوزراء وفقا لحكم المادة 99 من الدستور متعلقا بالامور التي تدخل في نطاق الاختصاص الذي حدده الدستور لرئيس المجلس المذكور، وهي تلك المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة، دون التي تختص بها اية وزارة من وزارت الحكومة على حدة، ومن ثم لا يلتزم بالاجابة الا على الاسئلة البرلمانية المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة دون غيرها.
ومن ثم فان مجلس الوزراء يترك السؤال الثاني سالف الذكر ويطلب من المحكمة اثبات هذا الترك ويقصر طلب التفسير الماثل على الاسئلة الاربعة المتبقية.
اما الاسئلة الاربعة الباقية فقد اعترض مجلس الامة على رأي مجلس الوزراء بشانها جميعا مستدلا في ذلك ببعض الحجج التي رآها مؤيدة لوجهته.
وفي الحقيقة فان كافة الحجج التي اثارها مجلس الامة في مذكرته تكفل طلب التفسير بالرد عليها جميعا، ومن ثم فلا مبرر لاعادة ترديد اسانيد مجلس الوزراء المؤيدة لرأيه في الطلب المذكور، ونحيل عليها ونتمسك بكل ما ورد فيها.
بيد ان هناك مسألتين يتعين تفصيلهما والرد عليها وردتا في مذكرة المجلس:
الاولى : تخص السؤال الاول المتعلق بالمستندات والبيانات.
الثانية : ما تقول به مذكرة المجلس من وجود عرف دستوري في علاقة المجلس بالحكومة.
وفيما يلي الرد على المسألتين السابقتين:
المسألة الاولى : مدى لزوم ارفاق المستندات والبيانات مع الاجابة على السؤال البرلماني :
اقام مجلس الوزراء رأيه القائل إن رئيس مجلس الوزراء او الوزير لا يلتزم بتقديم اية بيانات او مستندات مع اجابته على السؤال البرلماني على ان تعريف الفقه والقضاء ونصوص الدستور وقانون لائحة مجلس الامة للسؤال البرلماني تستبعد تقديم البيانات والمستندات مع الاجابة عليه، وقد اكد هذا التفسير ان طبيعة السؤال البرلماني باعتباره استيضاحا واستفهاما عن امور ووقائع محددة تتعارض مع فكرة تزويد النائب السائل بالمستندات والبيانات، كما وان الاصل في الاجابة على السؤال البرلماني انها شفوية، والاجابة الشفوية بطبيعتها لا تحتمل تقديم مستندات او بيانات معها، فضلا عن المادة 511/2 من الدستور والمادة 72 من قانون لائحة مجلس الامة قد حظرتا صراحة على عضو المجلس التدخل في اعمال السلطتين التنفيذية والقضائية ولا شك ان طلب المعلومات والمستندات يمثل تدخلا صارخا في اعمال هاتين السلطتين.
يضاف إلى ذلك المادة 74 من قانون لائحة مجلس الأمة التي أجازت للجانه أن تطلب بواسطة رئاسة المجلس من الوزارات والمصالح والمؤسسات العامة البيانات والمستندات التي تراها لازمة لدراسة موضوع معروض عليها وألزمت الجهات سالفة الذكر تقديم البيانات والمستندات المطلوبة الى اللجنة المختصة للاطلاع عليها حالة أن المشرع الدستوري لم ينص على تلك المكنة بالنسبة للسؤال البرلماني اذ لم يرد به نص صريح كالسابق يتيح للسائل طلب المعلومات والمستندات.
ونضيف الى الحجج السابقة ما يأتي:
1- سبق أن أوضحنا في طلب تفسير (ص13) أن الفصل مع التعاون فيما بين سلطات الدول الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وحقوق كل سلطة منها وتوازنها تجاه الأخرى تمثل قاعدة نظام الحكم في الدولة، وفقاً لنص المادة 05 من الدستور، بما جعل المشرع الدستوري يحظر نزول أي منها عن كل أو بعض اختصاصاتها الدستورية، حفاظاً على المصالح العليا للشعب، وبالتالي فهي من عداد القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام في الدولة، ومن ثم فإن توازن حقوق وواجبات السلطات الثلاث تجاه بعضها البعض ورقابة كل منها للأخرى انما يتم وفق معيار دقيق ضبطه المشرع الدستوري حرصاً منه على عدم طغيان إحداها على الأخرى، بما يهدد المصالح العليا للشعب والدولة بأسرها.
وعلى ذلك فإن المشرع الدستوري حين يضع مفارقة واضحة في المكنات التي يتيحها لعضو مجلس الأمة لدى ممارسته لوسائل الرقابة البرلمانية المنصوص عليها في الدستور وقانون لائحة مجلس الأمة فإنما يكون ذلك منه لاقامة التوازن الدقيق في الحقوق والواجبات المتبادلة بين السلطات التشريعية والسلطة التنفيذية لدى استعمال أي من وسائل الوقاية البرلمانية على أعمال الأخيرة، وبالتالي يتعين الالتزام بحدود هذه المكنات ومداها بالنسبة لكل وسيلة من وسائل الرقابة المذكورة، بحيث لا يجوز وعلى سبيل المثال، استخدام المكنات التي أناطها المشرع الدستوري بعضو مجلس الأمة في الاستجواب أو التحقيق البرلماني على السؤال البرلماني، وإلا كان في ذلك مخالفة لأحكام الدستور.
لما كان ذلك - وكان المشرع الدستوري لم ينص على حق عضو مجلس الأمة في المطالبة بالمستندات والبيانات في السؤال البرلماني في المادة 99 من الدستور في حين منح هذا العضو حق مطالبة رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء بالبيانات المتعلقة بالاستجواب وفقاً لحكم المادة 931 من قانون لائحة مجلس الأمة، كما أوجب على الوزراء وجميع موظفي الدولة تقديم الشهادات والوثائق والبيانات التي تطلب منهم في حالة تأليف لجان تحقيق أو ندب للتحقيق في أي أمر من الأمور الداخلة في اختصاص المجلس طبقاً للمادة 411 من الدستور و741 من قانون لائحة مجلس الأمة، كما أجاز المشرع الدستوري للجان مجلس الأمة أن تطلب بواسطة رئاسة المجلس من الوزارات والمصالح والمؤسسات العامة البيانات والمستندات التي تراها لازمة لدرس موضوع معروض عليها وفقاً لحكم المادة 74 من الدستور.
قمن ثم يتعين على عضو مجلس الأمة مراعاة استخدام المكنات التي حددها المشرع الدستوري لكل وسيلة من مسائل الرقابة البرلمانية دون غيرها، وبالتالي لا يجوز له طلب المستندات والبيانات في السؤال البرلماني لعدم النص عليها ولا يجوز له طلب المستندات في الاستجواب حيث لم يسمح له المشرع الا بالبيانات فقط، في حين أتاح المشرع الدستوري له طلب المستندات والبيانات في حالة تأليف لجان تحقيق أو ندب للتحقيق، وكذلك الحال بالنسبة للجان حيث أتاح لها طلب المستندات والبيانات من الوزارات عن طريق رئاسة المجلس.
ولا حجة لما تمسك به مجلس الأمة بما ورد في الفقرة الثانية من المادة 421 لائحة مجلس الأمة من جواز قيام رئيس مجلس الوزراء أو الوزير بإيداع الاجابة أو البيانات المطلوبة في الأمانة العامة للمجلس لإطلاع الأعضاء عليها اذا وافق على ذلك موجه السؤال أوفي حالة غيابه، وذلك لأن هذا النص يعالج حالة خاصة، كما ورد على خلاف طبيعة السؤال البرلماني كوسيلة استفهام تجعله أقرب الى أن يكون من وسائل التعاون بين السلطتين منه الى وسائل الرقابة على السلطة التنفيذية، كما ولا تتم الاجابة عليه في الاصل الا بالطريق الشفوي، بما لا يتصور ارفاق مستندات أو بيانات مع تلك الاجابة.
وعلى أي حالة فإن الفقرة الثانية من المادة 421 للائحة المستدل بها لا تتحدث الا عن البيانات فقط دون المستندات، وبالتالي فإن القدر المتيقن منه هو عدم ارفاق أي مستندات مع الاجابة على السؤال البرلماني.
2- قدم مجلس الأمة مذكرة للدكتور محمد الفيلي الاستاذ المساعد بقسم القانون العام بكلية الحقوق مودعه ضمن حافظة مستنداته.
وقد جاء رأي الدكتور الفيلي مؤيداً لرأي الحكومة في مسألة المستندات والبيانات حيث قال حرفيا: (علاقة السؤال البرلماني بطلب البيانات: نلاحظ بداية أن طلب بيانات من الحكومة يدخل بلا شك في إطار الاختصاص الرقابي لمجلس الأمة ولذلك فإن تقرير اللائحة لهذا الحق لا يتعارض في شيء مع الدستور، وفي كل الأحوال فإن الحكومة لا ترى في هذا الحق بذاته أمراً مخالفاً للدستور، ولا ترى فيه شبهة التعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات، ولكن سؤالها واعتراضها ينصب فقط على طلب البيانات في اطار السؤال البرلماني، ونحن نعتقد بأن السؤال البرلماني لا يكون محله بالضرورة طلب بيانات ووثائق رسمية، فمحل السؤال الحصول على معلومات وقد تأتي الاجابة على شكل بيانات وقد لا تأتي، أما الوثائق المطلوبة للتأكد من صحة الاجابة فأمرها خارج عن نطاق السؤال البرلماني لأن السؤال البرلماني وفق نصوص الدستور يختلف عن الاستجواب وطلب التحقيق، ومع ذلك فإن مبادرة رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء بتقديم البيانات المؤكدة للاجابة أمر يحسب للحكومة ولا يمنعه الدستور فالنظام البرلماني الذي أخذ به الدستور الكويتي يحث على التعاون بين السلطات كما أننا نعتقد ان استقرار العمل في هذا المجال قد خلف عرفاً دستورياً.
إذاً إذا كانت اجابة السؤال لا تتأتى إلا بتقديم البيان أو الوثيقة فتقديم البيان أو الوثيقة يصبح واجباً عندما نكون بصدد سؤال برلماني، أما إذا كانت الاجابة ممكنة دون تقديم البيان أو الوثيقة فإن تقديم البيان أو الوثيقة يصبح مستحباً فقط دون أن يدخل في اطار الوجوب إلا إذا قررنا بوجود عرف دستوري ففي هذه الحالة يحمل الأمر على الوجود، وفي كل الأحوال فإن المطالبة بتقديم البيان أو الوثيقة اذا أتى سببه الرغبة بالتأكيد من صحة الاجابة فإننا نكون خارج اطار السؤال البرلماني كما تقرره 99 من الدستور.
المسألة الثانية: مدى وجود عرف دستوري بصدد الاسئلة المطروحة في طلب التفسير:
أشارت مذكرة مجلس الأمة الى ان العرف قد استقر في علاقة المجلس بالحكومة منذ بدء الحياة البرلمانية في أوائل عام 3691 وحتى الآن على الأمور الآتية:
1- تزويد العضو موجه السؤال بما يطلبه من البيانات والمستندات، ولو لم يكن هذا الطلب متعلقاً باستيضاح أمر معين أو استفهام عن أمر يجهله من وجه السؤال، أو التحقق من حصول واقعة وصل علمه اليها.
2- أن يقدم الوزير الاجابة كتابة.
3- أن مدة الاسبوعين التي يجب على الوزير الاجابة عليها، تبدأ من تاريخ الجلسة التي تم ادراج السؤال على جدول أعمالها، ولا يكون تمديد هذه المدة الا بقرار من المجلس بناء على طلب الوزير.
وقد استدل مجلس الأمة على قيام هذا العرف بوقائع معينة أشار اليها في مذكرته، كما قدم حافظة مستندات تحوي بعض مضابط جلسات لمجلس الأمة، للتدليل على قيام عرف دستوري في المسائل السابقة على النحو الذي استنتجه منها.
وهذا القول وما استدل به غير صحيح، وذلك لأن العرف الدستوري - وفقاً لما استقرت عليه الغالبية العظمى من فقهاء القانون الدستوري، ركنان أحدهما مادي والآخر معنوي يلزم اجتماعهما معاً حتى يمكن القول بوجود قاعدة عرفية دستورية واجبة التطبيق، وهذان الركنان غير متواجدين في الحالة المعروضة، فضلاً عن أن الوقائع التي أشارت اليها مذكرة مجلس الأمة ومضابط هذا المجلس لا تؤدي الى النتيجة التي استخلصها في دفاعه الماثل، وذلك على التفصيل الآتي:
اولا: استقرت الغالبية العظمى من فقهاء القانون الدستوري على ان: (القواعد العرفية تنشأ نتيجة لاتباع هيئة من الهيئات الحاكمة في دولة معينة لعادة ما بصدد موضوع من موضوعات القانون الدستوري، دون معارضة غيرها من الهيئات، حتى يستقر في اذهان «اعضاء هذه الهيئات الحاكمة، وكذا» افراد الجماعة ضرورة احترام هذه القواعد، مما يضفى عليها صفة الالزام.
وعلى ذلك توجد القاعدة العرفية بتوافر ركنين: الركن الاول ويتمثل في الاعتياد الذي تسير عليه الهيئات الحاكمة، والركن المعنوي او النفساني ويتمثل في الاعتقاد في القوة الملزمة للعادة التي اطردت عليها الهيئات الحاكمة.
1- الركن المادي:
يتمثل هذا الركن في الاعمال والتصرفات المتكررة الصادرة من احدى الهيئات الحاكمة في الدولة، اذ ان مجرد التصرفات العارضة او الموقتة التي تباشرها هذه السلطات لا تنشىء قاعدة عرفية ولا تولد قواعد ملزمة.
ويشترط لكي يكون تكرار هذه التصرفات مجديا في خلق القاعدة الدستورية العرفية شروطا معينة يمكن حصرها في الاتي:
أ- يجب ان تصدر الاعمال المتكررة ممن يعنيهم الامر، اي من الذين تنطبق عليهم القاعدة العرفية، وهم في هذا الصدد الهيئات الحاكمة كالبرلمان او رئيس الدولة او الوزراء.
ب- ويشترط ان يكون للتكرار صبغة عامة لدى هذه الهيئات الحاكمة، اي ان يكون مقبولا لدى الهيئة الاخرى التي تمسها القاعدة، لذلك فان العمل او التصرف الصادر من هيئة حاكمة لا يكون قاعدة عرفية اذا صادف معارضة او عدم قبول من جانب احدى الهيئات الاخرى في الدولة.
ج- ويتطلب التكرار اطراد السلطة الحاكمة على تطبيق القاعدة العرفية بما يوحي بالثبات والاستقرار، اذ يكفي ان يصدر اجراء واحد مخالف لمضمون تلك القاعدة للتشكيك في مدى ثباتها واستقرارها, (1) بل ان تكرار هذا الاجراء «المخالف» يقضي على القاعدة العرفية القائمة، لان التكرار في هذه الحالة ينشىء قاعدة عرفية جديدة تلغي القاعدة القديمة وتحل محلها، ما لم يصدر نص مكتوب يتضمن الابقاء على القاعدة القديمة.
د- ويشترط فضلا عن ذلك توافر عنصر المدة في التكرار، فيجب ان يستمر اتباع القاعدة زمنا طويلا كافيا للدلالة على استقرارها وعلى انها لم تكن نتيجة نزعة عارضة او اتجاه طارئ، ولكن تحديد هذه المدة تحديدا دقيقا يعتبر مسألة موضوعية تخضع للظروف ولكل حالة على حدة، وقد تطول او تقصر على حسب الاحوال.
فاذا توافرت هذه الشروط، وكانت العادة واضحة ومحددة تحديدا نافيا للجهالة ومانعا من الخلط في تفسير مضمونها، توافر الركن الاول من اركان نشأة القاعدة الدستورية العرفية، والذي يقوم على تكرار الاعمال او التصرفات الصادرة من احدى الهيئات الحاكمة في الدولة.
2- الركن المعنوي او النفساني:
لا يكفي ان يتكرر اتباع قاعدة معينة بصفة عامة لمدة طويلة ثابتة لكي تنشأ القاعدة الدستورية العرفية، بل يجب فضلا عن ذلك ان يقوم في ذهن الجماعة اعتقاد بالزام القاعدة، وبانها واجبة الاتباع باعتبارها قاعدة قانونية لها ما لسائر القواعد القانونية من احترام.
ويختلف الفقهاء في تحديد المقصود بالجماعة التي يجب ان تقوم لديها العقيدة في الزام العادة حتى تكون قاعدة عرفية، فيقصر البعض (2) ذلك على السلطات الحاكمة، ويرى البعض الاخر ان المقصود بالجماعة مجموع الافراد بالاضافة الى الهيئات الحاكمة في الدولة، فهو لا يقصر الاعتقاد بالصفة الالزامية للقاعدة المتبعة على السلطات العامة وحدها، وانما يتطلب ضرورة سريان هذا الاعتقاد الى المجتمع والرأي العام، ويكتفي بان يكون دور المجتمع سلبيا يقف عند حد عدم الاعتراض على القاعدة الدستورية العرفية التي ينشئها الاعتياد والتكرار.
واذا توافر هذان الركنان - الركن المادي والركن المعنوي - نشأت القاعدة الدستورية العرفية، واصبحت قاعدة قانونية ملزمة شأنها في ذلك شأن القواعد القانونية عموما ايا كان مصدرها، وبصفة خاصة شأن القاعدة الناشئة عن التشريع.
ويختلف العرف عن العادات والتقاليد التي يجري بها العمل داخل المنظمات الدستورية، فهذه العادات لاتعتبر ملزمة من الناحية القانونية رغم اهميتها الدستورية، لانها لا تتمتع بصفة العمومية، وبالتالي فان القضاء لا يقوم بتطبيق القواعد المستمدة منها)، (3).
وبتطبيق هذه القواعد المستقرة لنشأة القاعدة الدستورية العرفية على الموضوعات الثلاثة التي يقول بها مجلس الامة نجد ان ركني تلك القاعدة، سواء في ذلك ركنها المادي او المعنوي غير متوافرين كلية بأي منها، ويؤكد ذلك ما اشرنا اليه في طلب التفسير في مبررات تقديمه الى المحكمة اذ حوى الطلب الوقائع والحالات التي ثار فيها الخلاف بين مجلس الامة ومجلس الوزراء بالنسبة لكافة المواضيع السابقة، وقد ارفقنا بطلب التفسير مضابط الجلسات المؤكدة لوجود هذا الخلاف التي بلغت اربعا وعشرين مضبطة في الفترة مابين عام 6991 حتي نهاية عام 3002، بما يقطع بعدم وجود عرف دستوري في هذا الشأن.
ثانيا: الرد على مذكرة جمعية المحامين الكويتية
حوت هذه المذكرة ذات الدفاع الوارد بمذكرة مجلس الامة وان كان بطرقة مختصرة، ولذلك نحيل في الرد عليها الى ما سبق توضيحه ردا على مذكرة مجلس الامة، تفاديا للتكرار.
ثالثا: الرد على رأي الاستاذ الدكتور عادل البطبطبائي
1- ركز هذا الرأي على عدم وجود القوانين الاساسية في الدستور الكويتي للتوصل الى عدم تطبيق الاحكام الواردة في قانون لائحة مجلس الامة، وهذا الرأي قد سبق وان حسمته المحكمة الدستورية في قرارها الصادر في الطلب رقم 1 لسنة 5891 تفسير بجلسة 92/9/5891 وقرارها الصادر في الطلب رقم 62 لسنة 6991 تفسير بجلسة 8/1/7991، حيث انتهت الى وجود القوانين الاساسية وطبقت احكامها في هذين الطلبين،وقد سبق لنا الاشارة الى قراريها في الطلبين المذكورين في طلب التفسير بالتفصيل في الصحيفة رقم «91» وحتى الصحيفة رقم «12» فنحيل عليها.
2- ايد الدكتور عادل الطبطبائي في الصحيفة رقم «73» من رأيه وجهة نظر مجلس الوزراء فيما يتعلق بكون الاجابة على السؤال البرلماني في اصلها شفوية وليست كتابية، وان كان قد اشار الى وجود عرف دستوري يؤيد الاجابة الكتابية، ولقد نفينا وجود هذا العرف الدستوري لتخلف اركانه، حتى ان الواقعة التي الجأت مجلس الوزراء الى طلب التفسير الماثل كما هو مسطور في قرار مجلس الوزراء رقم 4421/ ثانيا المشار اليه في الصحيفة «31»، كانت عدم تمكين مجلس الامة وزير الخارجية من الاجابة الشفوية على احد الاسئلة البرلمانية الموجهة من النائب مسلم البراك في جلسة 11/21/3002، بما يؤكد تمسك مجلس الوزراء بشفوية الاجابة، ومن ثم انتفاء العرف الدستوري في هذا الشأن.
3- اما باقي ارائه المؤيدة لرأي مجلس الامة فقد سبق لنا تناولها والرد عليها سواء في طلب التفسير والحافظة المرافقة لها او هذه المذكرة.
رابعا: الرد على رأي الاستاذ المساعد الدكتور محمد الفيلي
1- ركز هذا الرأي كسابقه على عدم وجود القوانين الاساسية، ومن ثم فهو مردود بما سبق لنا بيانه من استقرار المحكمة الدستورية على غير هذا الرأي.
2- ايد الدكتور محمد الفيلي وجهة نظر الحكومة بشأن عدم ارفاق مستندات وبيانات مع الاجابة على السؤال البرلماني، وقد سبق الاشارة الى رأيه هذا بالتفصيل في هذه المذكرة فنحيل عليها.
3- اما باقي ارائه المؤيدة لوجهة نظر مجلس الامة، فقد سبق لنا الرد عليها جميعا سواء في طلب التفسير الماثل والحافظة المرافقة له او هذه المذكورة
وبناء عليه يطلب مجلس الوزراء:
1- اثبات تركه لطلب الاجابة على السؤال الثاني، بعد ان سلم مجلس الامة بوجهة نظر مجلس الوزراء في هذا الشأن، واصبح هناك اتفاق بين السلطتين حول ان السؤال البرلماني الموجه الى رئيس مجلس الوزراء وفقا لحكم المادة «99» من الدستور مقصور على المسائل التي تدخل في اختصاصه، وهي تلك المتعلقة فقط بالسياسة العامة للحكومة.
2- رفض كافة الدفوع والدفاع المبدي من مجلس الامة.
3- الاجابة على الاسئلة الاربعة الاخرى الباقية، بعد اثبات ترك طلب الاجابة على السؤال الثاني.

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور