الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

القبس - السبت 3 محرم 1426هـ ـ 12 فبراير 2005 ـ السنة 33 ـ العدد 11378 ـ

الإجراءات الأمنية وحدها لا تكفي لمكافحة الإرهاب
التويجري رئيس «الأبسيسكو» لـ القبس:
مناهجنا بحاجة إلى تطوير.. وكذلك مناهج الغرب

كتب عدنان فرزات:
يبرز اليوم السؤال الأكثر إلحاحا في الوقت الأشد حرجا عن دور المنظمات الإسلامية ذات التوجه الوسطي في الساحتين السياسية والدينية، ولماذا لا يسند الى هذه المنظمات دور الحوار مع الاطراف المتشددة وحثها على الاعتداء، حيث نجحت هذه التجربة في بعض المناخات وتخلص الناس من العنف وانغمس الشباب في مجتمع سلمي، وفي الأساس ما الذي يجعل هؤلاء الشباب ينخرطون في تيارات متطرفة وهل للكبت وقمع وسائل التعبير دور في ذلك، ولكن ألم يظهر الإرهاب في دول تمتلك نسبة معقولة من الحريات؟
ثم ماذا عن المناهج التربوية وهل صحيح ان تغييرها بات حتميا، وهل هي فعلا تحرض على الكراهية وتحض على الارهاب، وهل مناهجنا فقط من تحمل هذه الصفة ام ان مناهج «الآخر» تحتاج ايضا الى تغيير كونها تقترف الفعل نفسه وبالتالي لا بد من ايجاد ارض من الوئام يلتقي فوقها الجميع؟
وماذا عن نية الحكومات العربية في مسألة الاصلاح، وما الفرق بين المقاومة المشروعة والارهاب؟
اسئلة مفعمة بإشارات الاستفهام عن هذه المرحلة واجابات سافرة بصراحتها في هذا اللقاء مع رئيس المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الابسيسكو» د. عبدالعزيز بن عثمان التويجري لدى زيارته التي قام بها اخيرا للكويت.
يبدو ان ثمة اختلافات بين العديد من جهات العالم حول تحديد معنى ومفهوم الارهاب، فمن وجهة نظركم ما التعريف الحقيقي لهذا المصطلح؟
- المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة تعرف الإرهاب بأنه كل عمل إجرامي يلحق اضرارا بالبشر والعمران، وتقوم به جماعات خارجة على القانون ومتمردة في فكرها وسلوكها ولا علاقة للإرهاب بالإسلام ولا بالمسيحية ولا باليهودية ولا بأي دين، لذلك فإن التعريفات التي تعطى من قبل بعض الدوائر من خارج العالم الاسلامي للإرهاب بحيث يكون هناك تضليل للرأي العام وعبر خلط للمفاهيم فتصبح المقاومة المشروعة للدفاع عن الاوطان وعن الحقوق وعن المقدسات ارهابا وهذا تعريف خاطئ، لذلك فإن الدوائر التي تقدم مثل هذا التعريف لا تقبل ان يعقد مؤتمر دولي كبير على مستوى الامم المتحدة لتعريف الإرهاب لتحديد ماهيته وحدوده، ولكن المؤتمر الذي عقد في الرياض خلال الايام الماضية بدعوة من ولي العهد السعودي الامير عبدالله بن عبدالعزيز بين الامر اجرامية الارهاب وبأنه لا علاقة له بالحضارات ولا بالاديان. لذلك فنحن مطالبون بمحاربة الارهاب سواء كان يصدر من مسلمين او من غير المسلمين.
مواجهة فكرية
هل تعتقد ان المؤتمرات والمهرجانات قادرة على مكافحة الارهاب بعد ان استفحل.. خصوصا ان مثل هذه «الاحتفاليات» غالبا ما تنتهي بتوصيات مصيرها الادراج او بتشكيل لجان.. وفي عالمنا العربي اذا اردت ان تميع قضية شكل لها لجنة..؟!
ـ هناك حملة كبيرة على الارهاب تقودها الامم المتحدة والدول الكبرى وتشترك فيها الدول العربية والاسلامية ايضا لان الارهاب اصبح يضرب هذه الدول، وبالتالي فان قيام مؤتمر بهذا الحجم في الرياض وتشارك فيه اكثر من خمسين دولة، وعدد كبير من المهتمين بقضايا الامن والسلم الدوليين، ثم يصدر عن هذا المؤتمر بيان يوضح الفرق بين الارهاب والمقاومة المشروعة ويدعو الى مكافحة الارهاب واقامة مركز للدراسات لمقاومته فان ذلك امر مهم، كما ان الارهاب يحتاج الى اجراءات عديدة لوقفه ولا تكفي الاجراءات الامنية، لابد من المواجهة الفكرية ومعالجة الانحراف في فكر الشباب الذي انتهج الارهاب مسلكا، ولابد من البحث عن بعض الجذور الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي ساهمت في ايجاد مثل هذا التطرف لدى هؤلاء الشباب، والانغماس في الاعمال الارهابية، لذلك اعتقد بان مثل هذا المؤتمر مهم وهو يكمل جهود الدول في مواجهة الارهابيين بوسائل اخرى.
نوايا غير واضحة
الا تعتقد بان الكبت والتراكمات الاضطهادية وعدم افساح المجال للتعبير بحرية في مختلف انحاء العالم العربي ادى الى حدوث مثل هذا التطرف لدى بعض الشباب؟
ـ بلا شك الحرية امر مطلوب، وهو حق مشروع لكل الشعوب، والاسلام هذا الدين الذي ننتمي اليه ونعتز بهذا الانتماء اليه هو دين الحرية والكرامة الانسانية واعتقد ان بعض الممارسات في مجتمعاتنا العربية والاسلامية سواء في المستويات السياسية او الفكرية ساهمت في ايجاد نوع من الضغوط على حرية الفكر والتعبير، واستغل بعض اصحاب الاهواء والمصالح المعينة التي تقف وراءها نوايا غير واضحة لاستقطاب هذا الشباب وتنفيس ما هو مكبوت في نفوسهم من احباط ومن كبت للقيام باعمال ارهابية وباسم الدين وبأن هذا العمل هو في صالحهم وصالح الشعوب التي ينتمون اليها وما هو الا عمل تخريبي في حقيقته، اعتقد انه يتوجب علينا القيام بمراجعة شاملة لجميع اوضاعنا للبحث عن مواطن الخطأ والنقص والضعف فيها، والمبادرة بسرعة الى تصحيح المسار واصلاح ما هو فاسد.
خلفيات عميقة
هل تعتقد ان احداث الحادي عشر من سبتمبر كانت بداية لانطلاق الارهاب ام ان هناك احتقانات سابقة في العالم؟
حادث الحادي عشر من سبتمبر هو انفجار الارهاب بعد ان كان في حالة كمون واستعداد واخذ الترتيبات للوصول الى هذه المفاجأة واعتقد ان لذلك خلفيات عميقة ويجب ان ننظر الى ما يجري في افغانستان وما يحدث في بعض البلدان العربية والاسلامية كل ذلك ساهم في ايجاد التربة الخصبة لهذا النبت ان ينمو وان يخرج للوجود؟
خيارات غيرموفقة
ألم تقوموا من خلال المنظمة بفتح حوارات مع المتشددين.. وهل طلب ذلك منكم عبر احدى الجهات؟
- نحن لنا موقع عبر الانترنت نبث من خلاله باللغات الثلاث العربية والانكليزية والفرنسية كل المعلومات الصحيحة عن الاسلام اما الحوارات مع اطراف متشددة او متطرفة فلم نقم بها وليس لدينا اي نشاط في هذا الاتجاه، نحن نقدم الفكر الاسلامي الصحيح ونعقد الندوات وورش العمل والمؤتمرات والحلقات الدراسية ونصدر الاصدارات بهذا الشأن، ولم يطلب منا احد ان نحاور المتشددين.
تصحيح المعلومة
ولو طلب منكم ذلك ألن تفعلوا؟
- نحن ندعو الى الحوار.. والمنظمة متخصصة في الحوار الحضاري والديني والهدف من هذا ان نبلغ الكلمة ونصحح المعلومة لانه لا يمكن ان نقضي على اي انحراف او ان نحل اي مشكلة بالعنف فقط، فلا بد من مواجهة الفكر بالفكر ولذلك نحن مستعدون اذا كانت هناك رغبة للدخول في حوارات مع اي طرف من الاطراف، ومستعدون ان نبين له بالحجة وبالدليل وبحقائق التاريخ خطأ ما هو عليه وصحة ما يدعو اليه الاسلام في رسالته الحقيقية ودعوته الانسانية.
كانت هناك دعوات ملحة ومازالت بفرض تغيير المناهج ماذا تقولون في هذا الصدد، وهل هناك حاجة فعلا الى تغيير هذه المناهج، وهل مناهجنا فقط هي التي بحاجة الى تغيير؟
- اولا نحن في المنظمة لم نتلق اي دعوة من اي جهة كانت تأمرنا او تطلب منا او تحاول ان تؤثر علينا لتغيير المناهج في اي دولة من الدول الاعضاء، وهناك دول كثيرة شرعت في تغيير مناهجها وفق ضروراتها واحتياجاتها، وانا اعتقد ان التغيير ضروري.. تغيير كل شيء بما فيها الانظمة السياسية من حيث تطويرها وتحسينها لكي نواكب التطورات الديموقراطية في العالم.. تغيير الانظمة الاقتصادية لنواكب هذه الثورة الاقتصادية الهائلة والسوق الحرة الكبيرة في العالم والعولمة الاقتصادية.. تغيير الانظمة الاجتماعية لنحقق المزيد من الرفاه والامن والاطمئنان للمواطنين.. تغيير الانظمة التربوية والمناهج لمزيد من الفعالية في تكوين اطر على قدر كبير من العلم والمعرفة.. وهذا كله لا يعني ان نمس ثوابتنا فهذه ليست مجالا للتغيير، نحن لدينا ثوابت ومقدسات لا يمكن ان يمسها احد وهي سر وجودنا وعنوان بقائنا. والذي ندعو الى تغيير هو الانظمة والاساليب والمفردات غير الصحيحة وغير المنسجمة مع الدين الصحيح، هناك بعض التصرفات التي يقوم بها مدرسون متزمتون لا علاقة لها بالدين. فلا بد من مراعاة تصحيح المنهج وتطويره وتكوين المدرس تكوينا جيدا، واختيار المدرسين الاكفاء الذين يستطيعون فهم الدين وايصاله بالشكل الصحيح. وفي المقابل، نحن طالبنا الطرف الآخر بذلك ومن على منبر اليونيسكو في العام الماضي، قلت ان هناك دعوات للعالم الاسلامي بتغيير مناهجه، لأن هناك شيئا من التعليم الذي يؤدي الى الارهاب او كراهية الآخر، ولكنني اقول لكم ايضا ان في مناهج الغرب ومناهج اسرائىل الشيء الكثير من الكراهية ومن الافتراء ومن المعلومات المضللة التي يجب ان تغير ايضا، وهي معلومات موجهة ضد العالم الاسلامي، لأنها تهينه وتعتدي على كرامته ورموزه ومصدر شريعته، والذي هو القرآن الكريم والسنة النبوية، والتغيير يجب ان يكون تغييرا شاملا في كل الدول، نريد ان نوجد ارضا يتعايش فوقها البشر على اساس احترام متبادل، والقرآن قال ذلك «لكم دينكم ولي دين»، والتغيير يجب ان تقوم به الدول من خلال مفكريها ومختصيها والعاملين في هذه المجالات ليتناسب مع احتياجاتها وخصوصياتها الثقافية والحضارية، وان لا يكون التغيير مفروضا من الخارج، فنحن نرفض التغيير الذي يملي علينا من الخارج ونطالب بالتغيير النابع من مجتمعاتنا لمصلحة مجتمعاتنا نفسها.
أمام المتربصين
هذا الكلام من حيث المبدأ مثالي ورائع، ولكن هل تعتقد ان الحكومات العربية لديها الرغبة الحقيقية في التغيير والاصلاح؟
- لا نستطيع ان نحكم على النوايا نحن نسمع كلاما جميلا، ونرجو ان يكون ان شاء الله كلاما صادقا يتوجه الى ما فيه الخير، لأنه ايضا هذا التغيير والتجديد الذي يقول به كثير من المخلصين وتردده ايضاالحكومات وتبشر به هو في مصلحة الحكومات نفسها، وفي مصلحة الشعوب، ولا بد ان تكون هناك الفة وتصالح بين القيادات السياسية وبين الشعوب لتجنيب المنطقة مخاطر الفوضى والفتن ولتسد الابواب امام المتربصين من الخارج الذين يريدون ان يضربوا الشعوب بالحكام والعكس، فتصبح مجتمعاتنا متأزمة وفيها الكثير من الفوضى، فتتوقف التنمية وينشغل بعضنا ببعض.
رجل الدين.. والمظهر
قال التويجري ردا على سؤال حول ترؤسه للمنظمة ومظهره الخارجي، من حيث عدم اطلاق اللحية والمظاهر الاخرى الدالة على رجل الدين: «هذه القضايا هي شخصية، فالانسان اذا اراد ان يطلق لحيته ويلبس جلبابا واسعا، وغير ذلك، فهو امر متروك له».
بطاقة المنظمة
المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الابسيسكو» هي منظمة متخصصة تعمل في اطار منظمة المؤتمر الاسلامي، انشئت بقرار من مؤتمر القمة الاسلامية التي عقدت في مكة المكرمة والطائف عام 1981، وانعقد المؤتمر التأسيسي لـ «الابسيسكو» في 3 مايو عام 1982 في مدينة فاس بالمملكة المغربية، واعلن قيام هذه المنظمة واتخذت من الرباط مقرا لها، وترتبط مع منظمات الامم المتحدة باتفاقيات تعاون وثيقة. وهي منظمة مستقلة لها مؤتمر عام يتشكل من وزراء التربية والتعليم العالي والبحث العلمي في الدول الاعضاء، ولها مجلس تنفيذي يتكون من جميع هذه الدول، ويتمثل فيه على مستوى وكالات وزراء ومديرين عاملين.

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور