الملف الصحفي


عفوًا هذه الوثيقة غير متاحة

جريدة القبس العدد10979 الاحد 4/1/2004

القانون والعدالة
إعداد: حسين العبدالله
قانون الاستثمار الأجنبي يعطل تشجيع الاستثمار
غامض.. ويفتقد القواعد الإرشادية للمستثمر

رغم المطالبات الملحة لوجود قانون ينظم عمل المستثمر الاجنبي، الا ان ذلك القانون الصادر لم يشتمل الا على عبارات عامة تمثل مدخلا للقوانين الاخرى يعيد المستثمر الاجنبي، من خلاله للاطلاع على قوانين التجارة والشركات التجارية.
قانون الاستثمار الاجنبي حسب ما يرى استاذ القانون التجاري في كلية الدراسات التجارية د. منصور السعيد تواجهه 6 مشكلات علمية وعملية، وستعمل سلبا على مستقبل الاستثمار الاجنبي في الكويت.
في ما يقول المحامي فيصل عبدالحميد الصراف ان العبارات التي تضمنها القانون جاءت عامة، وهي تمثل مدخلا للاطلاع على القوانين الاخرى.
:استطلعت آراء المختصين بشأن ملاحظات على قانون الاستثمار الاجنبي، وفي ما يلي الآراء
يقول استاذ القانون التجاري في كلية الدراسات التجارية د. منصور السعيد: «ان هناك ست مشكلات علمية وعملية يمكن ان تنعكس سلبا على مستقبل الاستثمار الاجنبي في الكويت، مشيرا الى ان الملاحظة الاولى هي ان اصدار تشريع استثماري في الكويت اقل ما يمكن ان يهدف اليه هو ايجاد قواعد ارشادية للمستثمر الاجنبي التي من خلالها يمكن للمستثمر ان يعرف مسبقا الحقوق والامتيازات، بالاضافة الى الاجراءات المطلوبة لقيام مشروعه الاستثماري، الا اننا ومن خلال النظرة المستفيضة الى بعض النصوص، نجد انها تتسم بالصياغة العامة والغموض، الامر الذي يجعل المستثمر الاجنبي كثير التردد عند اتخاذ قرار استثمار رأس ماله في البلاد.
ويضيف السعيد قائلا «ان الملاحظة الثانية هي ان هناك مراحل يجب اتخاذها في الوقت نفسه، الذي يصدر فيها مثل هذا القانون، وهي مراحل تعديل التشريعات الاخرى ذات الصلة بالاستثمار، ونقصد بها على وجه الخصوص قانون التجارة وقانون الشركات التجارية، وقانون تنظيم تراخيص المحلات التجارية وقانون الضريبة وغيرها من القوانين الاساسية ذات الصلة، ذلك ان احد اهداف المشرع لسن هذا القانون، هو سد النقص في التشريعات التجارية المرتبطة بالاستثمار الاجنبي، وذلك من خلال توفير الضمانات والامتيازات.
ويشير السعيد الى ان الملاحظة الثالثة هي ان المشرع لم يكن موفقاً في تحديد رأس المال الأجنبي حيث جاء بالوضع على سبيل الحصر قائمة مفصلة لمفرداته وبسبب ان هذا التحديد أقل من التصورات الواقعية للأموال الأمر الذي تنشأ عنه مشكلات، ولذا كان من الأجدر بالمشرع وضع معيار عام لما يعد مالاً مستثمراً.
ويقول ان الملاحظة الرابعة «وعلى الرغم من ان الكويت حالياً تتبع سياسة نقدية حرة وذلك من خلال حرية تحويل رأس المال أو أرباحه أو التعويضات للخارج فإنه لا ينكر ما لهذه الضمانة من أهمية بالنسبة للمستثمر الأجنبي وذلك بالنص عليها بالقانون كضمانة من عدم وجود أي قيود قد تفرض في المستقبل على حرية التحويل وإذا كان قانون استثمار رأس المال الأجنبي قد نجح في اضفاء الضمان المناسب على خطر عدم التحويل الا انه لم يكن موفقاً في وضع الضمانات الأخرى على الأخطار غير التجارية على الأقل من الناحية القانونية.
ويبين ان الملاحظة الخامسة هي ان الحوافز والمزايا والاعفاءات المقررة في قانون استثمار رأس المال الاجنبي الجديد يجب ان تكون متفقة تماماً مع خطة اقتصادية بعيدة المدى وواضحة المعالم حتى يؤدي القانون الدور المنشود منه، كما يفترض في السياسة الضريبية المقررة في القوانين الخاصة بالضريبة واقصد بذلك المرسوم بقانون رقم 3 لسنة 1955 بشأن ضريبة الدخل الكويتية والقوانين المعدلة له ان تكون متفقة مع الحوافز الضريبية المقررة للاستثمار الاجنبي باعتبارها احدى الوسائل المهمة لتشجيع الاستثمار.
ويختم السعيد حديثه بالملاحظة السادسة قائلاً «بسبب الدور الذي تؤديه اتفاقيات الاستثمار الجماعية والثنائية منها في مجال الاستثمار بالاضافة الى الاتفاقيات الأخرى المرتبطة بالاستثمار كتلك المتعلقة بمنظمة التجارة الدولية WTO الأمر الذي يفترض معه وجود نص عام بالقانون الجديد يقرر حكما عاما ينص على ان الأحكام الواردة في هذا الأخير يجب الا تخل بأي من الأحكام الواردة في تلك الاتفاقيات والتي تكون الكويت طرفاً فيها وملتزمة بمقتضى أحكامها».
من جانبه يقول المحامي فيصل عبدالحميد الصراف ان «المشرع اصدر القانون رقم 8 لسنة 2001 بشأن تنظيم الاستثمار المباشر لرأس المال الاجنبي في دولة الكويت، وهذا القانون ما هو الا باب من ابواب الانفتاح التجاري والذي هو هدف منظمة التجارة العالمية، وهذا ما نصت عليه المذكرة الايضاحية للقانون سالف الذكر.. وكون الكويت عضوا في منظمة وشارفت مهلة تطبيق اتفاقيتها وادخالها حيز التنفيذ على الانتهاء فلا بد من ان تواكب القوانين الحالية ما تهدف اليه الاتفاقيات، والحقيقة ان قانون المستثمر الاجنبي هو ثمرة هذه الاتفاقيات وهو الطريق او المنفذ الذي يسمح من خلاله مباشرة الاستثمار الاجنبي داخل الدولة، في حين ترك الكثير الذي ينظم اما بقانون آخر او بقرار من مجلس الوزراء، وهذا ما نصت عليه المادة 19 من القانون سالف الذكر. وبمعنى آخر ان هذه الثمرة لم تصل الى مرحلة النضوج وتحتاج مزيدا من التنظيم حتى يمكن القول بتحقيق ما يهدف اليه هذا القانون.
ويضيف الصراف قائلا: «ان الكويت تحتاج الى ان تعزز سياستها الاقتصادية بجعلها حرة ومتوازنة تكسبها سمعة طيبة في الاوساط التجارية والاقتصادية الدولية لتشجيع رؤوس الاموال الاجنبية على الدخول في مبادرات اقتصادية ناجحة تشمل جميع القطاعات التجارية والاستثمارية سواء كانت خدمية او صناعية او استثمارية وذلك بتوفير وتهيئة المناخ الاستثماري الامثل».
ويشير الى انه وبطبيعة الحال يستوجب تطوير القوانين الداخلية للدولة بحيث تتناسب مع المستثمر المحلي بالدرجة الاولى وكذلك المستثمر الاجنبي واعطاء مزيد من الحرية للاستثمار داخل الدولة وفتح المجال للمستثمر بأن يباشر نشاطه الاستثماري دون الصعوبات الحالية التي تواجه المستثمر المحلي.
مضيفا بالقول «خيرا فعل المشرع الكويتي عندما اصدر القانون رقم 20 لسنة 2000 بشأن السماح لغير الكويتيين بتملك الاسهم في الشركات المساهمة والقانون رقم 8 لسنة 2001 في شأن تنظيم الاستثمار المباشر لرأس المال الاجنبي في دولة الكويت والقرار رقم 1006/1 بشأن الانشطة والمشروعات الاقتصادية التي يجوز للمستثمر الاجنبي مزاولتها بدولة الكويت والقرار 1006/2 لسنة 2003 بشأن تأسيس شركات كويتية تبلغ حصة الاجانب فيها 100% من رأسمالها.
ويبين الصراف قائلا ان «استقطاب المستثمر الاجنبي لا يقتصر على اصدار قانون يسمح له بالاستثمار داخل دولة الكويت وكذلك القرارات التي تمت الاشارة اليها وانما يستلزم اجراء التعديلات القانونية التي تكفل حقوقه وتوفر له الضمانات المطلوبة. وسبق ان بينا في مقالنا المنشور في جريدة «القبس» العدد 10944 دور شركة الشخص الواحد وما لها من اثر في جذب المستثمر الاجنبي.
ويقول «ان ما يدور الآن من مبادرات لتعديل قانون الشركات التجارية، والقرار الذي اصدره مجلس الوزراء في الاول من يونيو الماضي برقم 509 والذي ينص على احالة موضوع اقتراح مشروع قانون بتعديل قانون الشركات التجارية ومنها انه يحق لوزارة التجارة والصناعة في حالة نشوب خلافات على ادارة الشركة تشكيل مجلس ادارة مؤقت يتولى ادارة الشركة لحين الفصل في الخلاف بصفة نهائية، في اي خلاف قد ينشب على ادارة الشركة وما لقيه هذا الاقتراح من الاستنكار من بعض القانونيين والمستثمرين لانتهاكه الفاضح للدستور، وانتهاكه لحقوق الملكية الخاصة وحق التقاضي، ناهيك عما اعتبره البعض من القطاع الخاص في مثل هذا التوجه من انه عبارة عن محاولة من وزارة التجارة والصناعة السيطرة على ادارة الشركات في القطاع الخاص الذي سوف يؤدي بالنهاية الى هروب المستثمرين المحليين الى قطاعات اقتصادية بعيدة عن التدخل الحكومي وبالتالي عزوف المستثمرين الاجانب عن الاستثمار في الكويت مما يؤدي في النهاية الى انتكاسة في مصادرة للتوجه المذكور في صدر هذا المقال.
ويوضح: «لا يخفى على الجميع ما يدور في ساحات المحاكم من نزاعات بين الشركات التجارية، التي سببت الكثير من الاضرار للمستثمرين بسبب بطء اجراءات التقاضي امام المحاكم، التي تستوجب التدخل السريع من المشرع، واستحداث انظمة جديدة للتقاضي يضفي عليها صفة الاستعجال ليمكن تدارك هذه النزاعات وحلها بشكل سريع حماية للمستثمر المحلي والاقتصاد الكويتي، وحتى لا تؤدي الى عزوف المستثمر الاجنبي عن استثمار امواله في دولة الكويت.
الاستثمارات
يرى المحامي الصراف ان القانون رقم 8 لسنة 2001 في شأن تنظيم الاستثمار المباشر لرأس المال الاجنبي في دولة الكويت هو ما نصت المادة 10 من القانون سالف الذكر على انه «لا تسري في حق المستثمر الاجنبي المرخص له طبقا لهذا لاحكام هذا القانون، اي تعديلات في هذه الاحكام يمس مصالحه ويستثنى من ذلك اي توسعات في استثمار قائم يحدث بعد سريان التعديل» وذلك ان المشرع جعل ما يسري على الاستثمارات التي عمل بها وفقا لهذا القانون تسري عليها احكامه في حين ان اي توسعات اخرى قد تكون مرتبطة بذات الاستثمار ولا تنفصل عن هذا الاستثمار يسري عليها التعديل بأثر فوري، والذي يجعل الاستثمار يخضع لنصين قد يختلف مضمونيهما مما يمثل هدرا للضمانات المنصوص عليها بالقانون ومساس بالمراكزالقانونية الثابتة».
مركز قانوني
يقول المحامي الصراف: «نرى، وحتى لا يتأثر المركز القانوني للمستثمر، الفصل بين الاستثمار القائم في ظل هذا القانون والتوسعات التي تنشأ عليه وتكون مرتبطة به ارتباطا لا يقبل الفصل ان يطبق عليها القانون سالف الذكر، ما لم تكن احكامه المعدلة متعلقة بالنظام العام حتى لا تتأثر المراكز القانونية التي ابرمت في ظل الاحكام المعدلة والتي قد تضر بالمستثمر، وبين اي استثمار جديد ينشأ في ظل التعديلات القانونية على القانون سالف الذكر.
وقد نص القانون المدني 67 لسنة 1980 في المادة 3 على انه:
1- يسري القانون الجديد على كل ما يقع من تاريخ العمل به، ما لم ينصل على خلافه.
2- ومع ذلك تبقى آثار التصرفات خاضعة للقانون، الذي ابرمت تحت سلطانه، ما لم تكن احكام القانون الجديد متعلقة بالنظام العام فتسري على ما يترتب منها بعد نفاذه». ومن هنا نجد ان ما لهذه المادة سالفة الذكر من اثر قد يضر المستثمر الاجنبي والتي تشكل عقبة يستوجب تعديلها الى ما فيه ضمانة للمستثمر الاجنبي، وتفصيل احكامها بشكل يكفل فيه المشرع الحماية الكافية للمستثمر.
مرافعة أصل البراءة
اصل البراءة يعني ان المتهم يجب معاملته مثلما يعامل الأبرياء، ومن ثم فإن الاصل هو تمتعه بجميع الحقوق والحريات التي كفلها الدستور ونظمها القانون. إلا انه كما كان الدستور كفل الحرية الشخصية وسائر حقوق الانسان كفل ايضا التجريم والعقاب وكفل المحاكمة عن الجرائم حين نص انه لا توقع عقوبة الا بحكم قضائي. ويترتب على ذلك عدم وصف المتهم بأي من اوصاف الادانة خلال سير الخصومة الجنائية.
فإن الشرعية الدستورية في الاجراءات الجنائية تتطلب الموازنة بين الحقوق والحريات وتحقيق المصلحة العامة. وقد ثار البحث حول تأثير اصل البراءة في حق التعبير وحق الإعلام. ومما لا شك فيه ان حرية التعبير مبدأ سام يحميه الدستور وايضا تعد حرية التعبير احدى ركائز المجتمع الديموقراطي واحد الشروط الرئيسية لتقدمه، الا انه احيانا يكون هذا الحق مؤثرا في حياد القاضي وذلك اذا كان التعبير صادرا عن احد الاقلام المؤثرة في الصحافة.
وفي احدى القضايا التي أدين فيها صحافي لنشرة شكوى ضد احد رجال السياسة اكدت المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان وان كانت حرية التعبير مبدأ ساميا يحميه الدستور الا انه يجب اجراء التوازن بين الهدف المشروع الذي تتوخاه حرية التعبير وبين حماية حيدة القضاء من خلال عدم جواز نشر اخبار ضد المتهم تسيء الى مركزة في الدعوى وتتناقض مع اصل البراءة، وفي هذا الصدد اكدت المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان أن ابداء الصحافي لرأية بوضوح حول ادانة المتهم من شأنه ان يجعل مقاله مؤثرا في الدعوى المرفوعة ضد المتهم مما يؤثر في حياد السلطة القضائية. ونظرا لما يتهدد اصل البراءة بسبب النشر في الصحف فقد اجاز القانون للقاضي المدني أو القاضي المستعجل ان يوقف المساس بأصل البراءة وذلك بالزام الصحيفة بنشر بيان على نفقتها يعيد الاعتبار للمتهم.
نواف قطيم المطيري
(باحث قانوني)
دراسة ترصد الأبعاد القانونية والاجتماعية
قواعد الشيك الـجديدة وواقع التطبيق
بقلم: المحامي عبدالكريم عدنان الشطي
يتفرد الشيك عن بقية الاوراق التجارية:
1 ـ انه أداة وفاء تقوم مقام النقود (الوفاء بمجرد الاطلاع).
2 ـ تقرير العقوبة الجنائية على اصدار الشيك بدون مقابل وفاء.
والشيك في الكويت هو الضمانة الأقوى بين التجار، والاكثر انتشارا بينهم، وقد كان الشيك احد اهم أركان أزمة سوق المناخ الشهيرة، حيث أصدر عدد كبير من المتعاملين بالاسهم شيكات ليس لها مقابل وفاء لشراء اسهم محلية بالاجل، وانتهت الأزمة بضياع القيمة الاسمية لهذه الاسهم، وبقاء عدد كبير من الديون على شكل شيكات دون مقابل وفاء، وقد تدخلت الحكومة الكويتية آنذاك فقدمت 500 مليون دينار لمعالجة الوضع!! ولا تزال آثار هذه الازمة في كل بيت كويتي، وعليه مرت الشيكات بتطورات تشريعية متعددة آخرها القانون رقم 84 لسنة 2003 بتعديل بعض احكام قانون الجزاء، هذا ونبين ان الشيك يتم تقعيده وتبويبه في قانون التجارة المواد (510 ـ 554)، إلا أن تجريمه يتم في المادة 237 من قانون الجزاء وهي التي طالها التعديل.
وحينما طرحت فكرة تعديل الوضع القانوني للشيكات، كان هناك تياران قويان يتنازعان فكرة التعديل:
أ ـ التيار الاول: هم دعاة الرحمة والرأفة بالمساجين المودعين خلف القضبان على ذمة قضايا الشيكات، حيث ان شريحة من هؤلاء كانوا مظلومين فعلا، وقد أصدروا هذه الشيكات بناء على طلب احد ازواجهم أو اقربائهم، واخذوا بهذه الشيكات.
ب ـ التيار الثاني: هم التجار والمتعاملون بالشيكات بصورة دائمة، ويريدون ان يحتفظ الشيك بمكانته القانونية وهيبته وأحترامه، ولا سبيل الى ذلك الا بتشديد العقوبة.
اضافات تشريعية
ومن الواضح ان الغلبة والتمكين كانا من نصيب التيار الاول، اذ جاء التعديل الذي سنتناوله مخففاً الوطء على مصدري الشيكات بلا مقابل الوفاء، ومنظماً للعملية على النحو التالي:
تخفيض العقوبة من مدة حبس لا تزيد عن خمس سنوات الى مدة حبس لا تزيد عن ثلاث سنوات، وتغير المدة بهذه الصورة يغير من وصف الجريمة ويجعلها جنحة بدلا من كونها جناية في السابق، وهذا الوصف له آثار تطبيقية مهمة، كاختصاص محاكم الجنح بنظر الدعاوى الناشئة عن الشيكات بدلا من دوائر الجنايات.
في حال العود (أي أرتكاب الجرم ذاته مرة أخرى) خلال خمس سنوات من الحكم عليه، جاز للقاضي بناء على التعديل الجديد الحكم على المتهم العائد بالحبس اربع سنوات ونصف السنة وبغرامة لا تزيد عن سبعمائة وخمسين دينارا، اما العود في ظل النص السابق فقد كانت عقوبته لا تزيد عن سبع سنوات والغرامة سبعمائة دينار.
قام التعديل الأخير بالفصل بين الآثار المدنية والتجارية والآثار الجزائية للشيك من ناحية موعد تقديم الشيك، وهو تعديل بالغ الأهمية من الناحية القانونية، ويتجسد ذلك في كون الحماية الجنائية للشيك لا تسري الا من التاريخ المبين في الشيك، بعكس ما يجري به العمل في ظل القانون القديم، حيث كان بامكان المستفيد من الشيك تقديمه في أي وقت دون الاعتداد بتاريخ الشيك، وهنا نوضح ان تقديم الشيك قبل موعده يلزم البنك بصرف قيمة الشيك في حال وجود مقابل للوفاء، ام في حال عدم وجود رصيد، فلا يتمكن المستفيد من اقامة شكوى جنائية ضد الساحب، الا اذا حل موعد الشيك، ويظل الشيك محتفظاً بكيانه كورقة تجارية، وفي رأيي الشخصي فان هذا هو أفضل وأهم تعديل قام به المشرع الكويتي، وله آثار مهمة في التعاملات المستقبلية.
المسؤولية الجنائية
ـ اضاف المشرع الكويتي مادة جديدة بخصوص اصدار شيكات من الاشخاص الاعتباريين، ولكنها موقعة من المفوضين في التوقيع بها. اذ كثيرا ما يقوم المحاسبون او المدراء الماليون في الشركات او الجهات الاعتبارية باصدار شيكات تخص الجهات وتحمل توقيعاتهم، ولا يتوقع عمليا الرجوع جنائيا على جهة اعتبارية، ولكن يتم الرجوع على موقع الشيك. وعليه فقد قام التعديل الجديد بمعالجة هذه الحالة بان جعل المسؤولية الجنائية على مصدر الامر بالتوقيع على الشيك وليس الموقع على الشيك. بشرط ان يثبت الموقع على الشيك بانه نبه مصدر الامر من مغبة التوقيع على الشيك. وهي احتمالية تثير التساؤل، فما هو المقصود بالتنبيه وكيف يمكن اثباته؟ هذا ما لم يعالجه التعديل الجديد. وهنا ننصح المدراء الماليين والمفوضين بالتوقيع على الشيكات في الجهات الاعتبارية المختلفة، ان لا يصدروا شيكاتهم الا بناء على اوامر كتابية واضحة ومحددة من المسؤولين، وفي حال وجود اي مشاكل مالية لدى الجهة الاعتبارية فيجب على المسؤولين الماليين التنبيه على مصدري الاوامر بذلك (ونفضل ان يكون ذلك في صورة كتاب رسمي موقع عليه بالاستلام) حتى لا يتحملوا اي تبعات على ذلك.
ـ اضاف المشرع قيدا زمنيا مهما في الموضوع، واهماله يسبب سقوط الدعوى الجزائية بالتقادم، وهو وجوب ان يتقدم المستفيد بشكواه الى النيابة العامة خلال اربعة اشهر من تاريخ اصدار الشيك اذا كان مسحوبا في الكويت، او ستة اشهر اذا كان مسحوبا خارج الكويت. وهو ما لم يكن معمولا به من قبل، اذ كان بامكان المستفيد قبل هذا التعديل تقديم الشيك متى ما شاء، مهددا الساحب بهذه الورقة لسنوات طويلة!، لذا فاننا ننصح الساحب بكتابة التاريخ على الشيك حتى يتمكن من الاستفادة من هذه الميزة القانونية الجديدة. كما ان المشرع اضاف بعدا جديدا على الشيكات المحررة قبل صدور هذا القانون، اذ جعل هذا القيد الزمني منطبقا عليها من تاريخ صدور القانون، وهو ما يوجب على اصحاب الشيكات المحررة بتاريخ سابق على صدور التعديل المبادرة بتقديم شيكاتها قبل ان يلحقها التقادم الوارد في المادة (237 مكررا).
«جنحة»
بالرغم من كون الوصف الجديد للتهمة على انها جنحة، إلا ان التعديل الجديد جعل النيابة العامة هي جهة التحقيق المختصة بنظر شكاوى الشيكات والتحقيق والتصرف والادعاء فيها، الا ان التعديل لم يتطرق الا الى ذكر المحاكم المختصة، مما يعني اختصاص محاكم الجنح بنظر الادعاء فيها (كما هي الحال مع جنح التجارة التي تحقق فيها النيابة العامة وتقضي بها محاكم الجنح). إلا ان التعديل امر بان تستمر محاكم الجنايات بمتابعة ما تحت يديها من ادعاءات حول الموضوع، الواضح من الصياغة ان الادعاءات الناشئة بعد صدور هذا التعديل ستختص بها محكمة الجنح.
يجب ان يتم تطبيق التعديل الجديد من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية وهو تاريخ 14/12/2003.
وبعد استعراض التعديل الجديد واهم اثاره، فاننا نورد بعض الملاحظات المهمة:
- بمقارنة التعديل المقر بالاقتراحات التي قدمتها اللجنة التشريعية في مجلس الامة بتاريخ 6/2/2002 نجد ان التعديل الجديد اكثر شمولية واهم اثارا من التعديلات السابقة التي كانت تركز اما على الغاء العقوبة كليا، او تحويلها من جناية الى جنحة. اذ قام التعديل الجديد بخطوة جريئة وهي التفريق بين البعد التجاري والبعد الجنائي في الشيك. وهو خطوة ذكية تحسب للمشرع الكويتي.
من الواضح من محاضر اللجنة التشريعية ان هذا التعديل ما هو الا خطوة اولى في سبيل الغاء الشق الجنائي في موضوع الشيكات، الا ان اللجنة لم تقدم خطة مفصلة عن ذلك مكتفية بطرح الخطوة الاولى.
النصاب القانوني
ـ اعتقد - وجهة نظر شخصية - ان الاولى بالمشرع ان يعقد نصابا قانونيا للتفرقة بين الجنحة الجناية (كخطوة تدريجية اولى)، ويكون هذا النصاب هو مبلغ 5000 دينار وما زاد للجنايات، اما اذا كان نصاب الشيك اقل من ذلك فيكيف على انه جنحة، كما هو معمول به في المحاكم الكلية والجزئية.
- مع تنامي وتطور الحركة المصرفية، يمكن ادخال بعض الحلول التكنولوجية المستقبلية، التي تخفف من استخدام الشيكات كأداة وفاء، وتمكن المستفيد من التحقق من الملاءة المالية للساحب، ونرجو ان تستفيد من هذه الحلول اللجنة التشريعية مستقبلا.
- لم تقم المذكرة الايضاحية بالدور المطلوب منها في ايضاح عدد من الامور، خصوصا فيما يخص التقادم، ومصير الشيكات المحررة قبل التعديل، ومصير المسجونين على ذمة قضايا الشيكات، ومما يجعل هذه الامور تخضع لتقديرات قضائية موضوعية متعددة وقد تصل الاحكام فيها الى غرفة المشورة.
وفي نهاية المطاف لا يسعنا الا ان نشكر القائمين على القانون الجديد على تفاعلهم مع قضايا المجتمع، ونأمل في أن نرى تطورات اخرى في الكثير من القضايا العالقة وعلى رأسها قضايا التكنولوجيا والمعلومات.

تسجيل الدخول


صيغة الجوال غير صحيحة

أو يمكنك تسجيل الدخول باسم المستخدم و كلمة المرور